كذا، أن يذبح مِن كُلّ عشرة مِنها رأسًا فِي رجب. وذكر ابن سِيدَهْ: أنَّ العتِيرة أنَّ الرَّجُل كَانَ يقُول فِي الجاهِليَّة: إن بلغ إِبِلِي مِائة عَتَرَتُ مِنْهَا عَتِيرَة، زاد فِي "الصِّحَاح": فِي رَجَب. ونقل أبُو داوُد تَقْييدها بالعَشْرِ الأول منْ رَجَب، ونقل النَّووِيّ الاتِّفاق عَلَيْهِ. قَالَ الحافظ: وفِيهِ نظرٌ (?).
وذكر ابن منظور فِي "اللسان": أن العرب فِي الجاهليّة كانت إذا طلب أحدهم أمرًا نذر، لئن ظفِر به ليذبحنّ منْ غنمه فِي رجب كذا وكذا، وهي العتائر أيضًا، فإذا ظفِر به، فربّما ضاقت نفسه عن ذلك، وضنّ بغنمه، وهي الرَّبِيض، فيأخذ عددها ظباء، فيذبحها فِي رجب مكان تلك الغنم، فكأن تلك عتائره. انتهى باختصار.
وَقَالَ النوويّ فِي "شرح مسلم": الْفَرَع: أوَّل النِّتَاج كَانَ يُنْتَج لهُمْ فيذبحُونهُ. قَالَ أهل اللُّغة وغيرهم: الْفَرَع بِفَاءٍ، ثُمّ راءٍ مفتُوحَتَيْنِ، ثُمَّ عين مُهْمَلة، وُيقال فِيهِ: الْفَرَعَة بِالهاءِ. والْعتِيرَة -بِعينِ مُهملة مَفْتُوحة، ثُمَّ تَاء مُثَنَّاة منْ فَوْق، قَالُوا: والْعَتِيرة: ذَبِيحَة كانُوا يَذْبحُونَهَا فِي العشر الأُول مِنْ رَجَب، وَيُسَمُونها الرَّجَبِيَّة أيضًا، واتَّفَق العُلَمَاء عَلَى تَفْسِير العَتِيرة بِهذا.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تقدم فِي كلام الحافظ أن دعواه الاتفاق فيه نظر.
قَالَ: وأمَّا الفرع، فَقَدْ فَسَّرهُ هُنا بِأنَّهُ أوَّل النِّتاح، كانُوا يذْبحُونهُ، قَالَ الشَّافِعِيّ، وأصْحابه، وآخَرُون: هُوَ أوَّل نِتاج الْبَهِيمة، كَانُوا يَذْبحُونهُ، ولا يَمْلِكُونهُ، رَجَاء الْبرَكَة فِي الأُمّ، وكَثْرة نسلها، وهكذا فسَّرهُ كثِيرُون منْ أهل اللُّغة وغيرهم. وَقَالَ كَثِيرُون مِنهُم: هُو أوَّل النِّتاج، كانُوا يذبحُونهُ لِآلِهتِهِم، وهِي طَوَاغِيتهمْ، وكذا جاء هَذَا التَّفسِير فِي "صحِيح الْبُخَارِي"، و"سُنَن أبِي داوُد". وقِيل: هُو أوَّل النِّتاج لِمنْ بَلَغَتْ إِبله مِائَة، يَذْبحُونهُ. وَقَالَ شَمِر: قَالَ أبُو مَالِك: كَانَ الرَّجُل، إِذَا بلغت إِبِله مِائة، قَدَّم بِكرًا، فنحرهُ لِصَنَمِهِ، ويُسمُّونهُ الْفَرَع. انتهى كلام النوويّ (?). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4224 - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ فَرَعَ، وَلاَ عَتِيرَةَ").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ترجم المصنّف رحمه الله تعالى فِي "الكبرى" قبل هَذَا الحديث بقوله: "باب "لا فرع، ولا عتيرة".