رِواية إِسماعِيلِ بن مُسلِم، عن عبد الله بن بُريدة، عن أبِيهِ، وإسماعِيل ضعِيف، وذكر الطَّبرانِيّ أنّهُ تفرَّد بِهِ.
وَعِنْد الحنابلة فِي اعتِبار الأسابِيع بعْد ذلك رِوايتانِ، وعِند الشَّافِعِيَّة أن ذِكر الأسَابِيع لِلاخْتِيارِ، لا لِلتَّعيِينِ، فنقل الرَّافِعِيّ، أَنَّهُ يدخُل وقْتَهَا بِالوِلادةِ، قَالَ: وذِكرُ السَّابع فِي الْخَبَر بِمَعْنَى أن لا تُؤَخَّر عنهُ اخْتِيارًا، ثُمّ قَالَ: والاخْتِيار أَنْ لا تُؤَخَّر عن الْبُلُوغ، فإِنْ أُخِّرت عن البُلُوغ سقطت، عَمَّنْ كَانَ يُرِيد أن يعُقّ عنهُ، لَكِنْ إِنْ أرَادَ أنْ يعُقّ عَنْ نفْسه فَعَلَ.
وأخرج ابنُ أبِي شيبة، عن مُحَمَّد بن سِيرِين، قَالَ: لو أعلمُ أنِّي لِم يُعقّ عنِّي، لعققتُ عن نفسِي. واختارهُ القَفَّال. ونقل عن نصَّ الشَّافِعِيّ فِي البُوَيطِيّ، أنَّهُ لاِ يُعقّ عن كبِير، وليْس هَذَا نصًّا فِي منع أن يعُقّ الشَّخْص عن نفسه، بل يَحْتَمِل أن يُرِيد أن لا يَعُقّ عن غيره إِذَا كبِر.
وكَأنَّهُ أشَار بِذلِك إِلى أنَّ الحدِيث الَّذِي ورد أن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-، عَقَّ عن نفسه بعد النُّبُوَّة، لا يثبُت، وهُو كذلِك، فقد أخرجهُ البزَّار منْ رِواية عبد الله بن مُحرّر -وهُو بِمُهملاتِ- عن قتادة، عن أنسٍ، قَالَ البزَّار: تفرَّد بِهِ عبد الله، وَهُوَ ضَعِيف. انتهى. وأَخْرَجهُ أبُو الشَّيْخ منْ وجْهَينِ آخَرينِ:
أحدُهُما منْ رواية إِسماعِيل بن مُسْلِم، عن قتادة، وإسماعِيل ضعِيف أيْضًا، وَقَدْ قَالَ عبد الرَّزَّاق: إنَّهم تركُوا حدِيث عبد الله بن مُحرَّر، منْ أجل هَذَا الحدِيث، فَلَعلَّ إِسْمَاعِيل سَرَقَهُ مِنْهُ.
ثَانِيهمَا منْ رِواية أبِي بكر الْمُسْتَمْلي، عن الهيثم بن جميل، وداوُد بن المُحبَّر، قالا: حدَّثنا عبد الله بن المثنى، عن ثُمَامَة، عن أنَسٍ، وداوُد ضَعِيف، لَكِنَّ الْهَيْثم ثِقَة، وعبد الله منْ رِجال الْبُخَارِي، فالحدِيث قوِيّ الإِسْناد، وَقَدْ أخرجهُ مُحَمَّد بن عبد الملِك بن أيْمَن، عن إِبراهِيم بن إِسْحاق السَّرَّاج، عن عمرو النَّاقِد، وأخرجهُ الطَّبرانِيُّ فِي "الأوسط"، عن أحمد بن مَسْعُود، كِلاهُما عن الهيثم بن جَميل، وَحْده بِهِ، فَلَوْلا مَا فِي عبد الله بن المُثَنَّى منْ المَقَال، لَكَانَ هَذَا الحدِيث صحِيحًا، لكِن قَدْ قَالَ ابنُ معِين: ليس بِشَيْءٍ، وَقَالَ النَّسائِيُّ: لَيْسَ بِقوِيٍّ، وَقَالَ أبُو داوُد: لا أُخْرِجُ حدِيثه، وَقَالَ السَّاجِيُّ: فِيهِ ضَعْف لم يَكُنْ منْ أَهْل الْحَدِيث، روى مَنَاكِير، وَقَالَ العُقَيْليّ: لا يُتَابَع عَلَى أَكْثَرِ حدِيثه، قَالَ ابن حَبَّان فِي "الثِّقات": رُبَّما أخْطَأ، وَوَثَّقهُ العِجلِيُّ، والتِّرْمِذِيّ، وَغَيرهما، فَهَذَا منْ الشُّيُوخ الَّذين إِذَا انْفَرد أَحَدُهُمْ بِالحَدِيثِ، لم يكُنْ حُجَّة، وَقَدْ مَشَى الْحَافِظ الضَّيَاء عَلَى ظَاهِرِ الإِسْنَاد، فَأَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيث، فِي "الأَحَادِيث الْمُخْتَارَة، مِمَّا