ضَمْرَة، عن أبِيهِ، سَألَ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- عن العقِيقة؟، فقال: "لا أُحِبّ الْعُقُوق" كأنَّهُ كَرِهَ الِاسْم، وَقَالَ: "منْ وُلِد لهُ ولد، فأحبّ أن ينسك عنهُ فليفعل". وفِي رِواية سعِيد بن منصُور، عن سُفيان، عن زيد بن أسْلَمَ، عن رجُل منْ بني ضَمْرَة، عن عمه، سمِعت رسُول الله -صلى الله عليه وسلم-، يُسأل عن العقِيقة؛ وهُو عَلَى المِنبر، بِعرفة، فذكرهُ. ولهُ شاهِد منْ حدِيث عمرو بن شُعَيْب، عن أبِيهِ، عن جَدّه، أخرجهُ أبُو داوُد، -يعني حديث الباب- وَيَقوى أَحَدُ الحدِيثينِ بِالآخرِ. قَالَ أبُو عُمر: لا أعْلَمَهُ مرفوعًا، إِلّا عَنْ هَذَيْنِ.
قَالَ الحافظ: وَقَدْ أخرجهُ البزّار، وأبُو الشَّيْخ، فِي "الْعَقِيقَة" مِنْ حَدِيث أبِي سَعِيد، ولا حُجَّة فِيهِ لِنَفْي مَشْرُوعِيّتها، بَلْ آخِرُ الحدِيث يُثْبِتها، وإِنَّما غَايته أنْ يُؤخَذْ مِنْهُ أن الأولى، أن تُسمَّى نَسِيكَة، أو ذَبِيحَة، وأن لا تُسَمَّى عقِيقة. وَقَدْ نقلهُ ابن أبِي الدَّم، عن بعض الأصْحاب، قَالَ: كَمَا فِي تسمِية العِشَاء عَتَمَة. وادّعى مُحمّد بن الْحَسَنُ نَسْخَها بِحدِيثِ "نسخ الأضْحى كُلّ ذَبْح"، أَخْرجهُ الدَّارقُطنِيُّ، منْ حدِيث عَلِيّ، وَفِي سنده ضَعْف. وأمَّا نَفْي ابن عبد البرّ، وُرُوده فمُتعقَّب، وعلى تَقْدِير أن يثبُت، أنَّها كَانتْ وِاجِبة، ثُمَّ نُسِخ وُجُوبها، فَيَبقَى الاسْتِحْباب، كَمَا جَاء فِي صَوْم عَاشُوراء، فَلا حُجَّة فِيهِ أيضًا لِمَنْ نَفَى مَشْرُوعِيتها. انتهى ما فِي "الفتح" (?).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن القول الراجح فِي هذه المسألة قول منْ قَالَ باستحباب العقيقة، وهو الذي عليه الجمهور، ودليل الاستحباب قوله صلّى الله تعالى عليه وسلم فِي حديث الباب: "منْ أحبّ أن ينسك ... " الحديث، فقد فوّضه إلى اختيار الشخص، وهذا صارف للأمر عن الوجوب إلى الاستحباب. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4215 - (أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد رجال الصحيح.
و"الحسين بن حُريث": هو أبو عمّار الخُزَاعيّ مولاهم المروزيّ، ثقة [10] 44/ 52.
و"الفضل": هو ابن موسى السِّينانيّ، أبو عبد الله المروزيّ، ثقة ثبت، ربما أغرب، منْ كبار [9] 83/ 100. و"الحسين بن واقد": هو أبو عبد الله القاضي المروزي، ثقة له أوهام [7] 5/ 463. و"عبد الله بن بُريدة": هو الأسلميّ، أبو سهل المروزيّ، قاضيها، ثقة [3] 25/ 393. و"بُريدة بن الْحُصيب" الأسلميّ الصحابيّ الشهير رضي