الولد؟. ولفظ أحمد: "إنما نسألك عن أحدنا يولد له" (قَالَ) صلّى الله تعالى عليه وسلم (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ) بضمّ السين، يقال: نسك لله ينسُك، منْ باب قتل: تطوّع بقربة، والنُّسُك -بضمّتين-: اسم منه، وفي التنزيل: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي}، والْمَنْسك -بفتح السين، وكسرها- يكون زمانًا، ومصدرًا، ويكون اسم المكان الذي تُذْبح فيه النسيكة، وهي الذبيحة وزنًا ومعنًى. وفي التنزيل: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا} الآية [الحج: 34] بالفتح والكسر، قرىء فِي السبعة. ومناسك الحجّ: عباداته، وقيل: مواضع العبادات. ومن فعل كذا، فعليه نُسُك: أي دمٌ يُريقه. وتنسّك: تزهّد؛ وتعبّد، فهو ناسكٌ، والجمع نُسّاكٌ، مثلُ عابد وعُبّاد. قاله الفيّوميّ (عَنْ وَلَدِهِ، فَلْيَنْسُكْ عَنْهُ) أي فليذبح عن ولده؛ شكرًا لما أولاه الله تعالى منْ نعمة الولد.
(عَنِ الْغُلاَمِ شَاتَانِ) مُبْتَدَأ وَخَبَر، وَالْجُمْلَة جَوَاب لِمَا يُقَال: مَاذَا يَنْسُكُ؟، أَوْ مَاذَا يُجْزِىءُ؟، وَيَحْسُن؟، وَنَحَوه (مُكَافِئَتَانِ) بِالهَمْزَةِ، أَيْ مُسَاوِيَتَانِ فِي السِّنّ، بِمَعْنَى أَنْ لا يَنْزِل سِنّهمَا، عَنْ سِنّ أدْنَى ما يجزىء فِي الْأُضْحِيَّة. وَقِيلَ: مُسَاوِيَتَانِ، أَوْ مُتَقَارِبَتَانِ، وَهُوَ بكَسرِ الْفَاء، مِنْ كَافأهُ: إِذَا سَاوَاهُ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: والمُحَدِّثُون يَفْتَحُونَ الْفَاءَ، وَأُرَاهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ شَاتَيْنِ، قَدْ سَوَّى بَيْنَهُما، وَأَمَّا بِالْكَسْرِ، فَمَعْنَاهُ مُسَاوِيانِ، فَيَحْتَاج إِلَى شَيْء آخر، يُسَاوِيَانِهِ، وَأَمَّا لَوْ قِيلَ: مُتَكَافِئَتَانِ، لَكَانَ الْكَسْر أَوْلَى. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْن الْفَتْح وَالْكَسْر؛ لِأَنَّ كُلّ وَاحِدَة، إِذَا كَافَأَتْ أخْتهَا، فَقَدْ كُوفِئَتْ، فَهِيَ مُكَافِئَة، ومُكَافَأَة، أو يكُونُ مَعْنَاهُ: مُعَادِلَتَانِ لِما يجِبُ فِي الْأُضْحِيَّة، مِنْ الْأَسْنَان. وَيُحْتَمَل مَعَ الْفَتْح، أَنْ يُراد مَذْبُوحَتَانِ، مِنْ كَافَأَ الرَّجُل بَيْن بَعِيرَيْنِ: إِذَا نَحَرَ هَذَا، ثُمَّ هَذَا مَعًا، مِنْ غَيْر تَفْرِيق، كَأَنَّهُ يُرِيدُ شَاتَيْنِ تَذْبَحهُمَا مَعًا.
قَالَ السنديّ: مُرًاد الِزَّمَخْشرِيّ، إِنَّ كُلاًّ منْ الْفَتْح والْكَسْر، يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ اعْتِبَار شَيْء ثَالِث، يُسَاويَانِهِ، أَوْ يُسَاوِيهِمَا، وَإِنْ اكْتُفِى بِمُساواةِ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا صَاحِبَتهَا، صَحَّ الْفَتْح وَالْكَسْر. فَلْيُتأمَّلْ. وَالَلَّه تَعَالَى أعْلَم. انتهى.
(وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ) مبتدا وخبر أيضاً، فالجارّ والمجرور خبر مقدّم، و"شاة" مبتدأ موخّرٌ. يعني أنه يجزىء عن المولود الأنثى أن تُذبح شاةٌ واحدة.
وقوله (قَالَ دَاوُدُ) هو ابن قيس الراوي عن عمرو بن شُعيب (سَألتُ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ) العدويّ، مولى عمر بن الخطاب، أبا عبد الله، أو أبا أُسامة المدنيّ، ثقة عالم، وكان يُرسل [3] مات سنة (136) وتقدمت ترجمته فِي 64/ 80 (عَنْ الْمُكَافِأَتَانِ؟) أي عن معناهما (قَالَ) زيد (الشَّاتَانِ) خبر لمحذوف: أي هما الشاتان (الْمُشَبَّهَتَانِ) بصيغة اسم المفعول: أي متماثلتان (تُذْبَحَانِ) بالبناء للمفعول (جَمِيعًا) أَيْ لَا يُؤَخَّر ذَبْح إِحْدَاهُمَا عَنْ