قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "فهذا مشكل" فيه نظرٌ لا يخفى؛ إذ هو منكرٌ شرعًا؛ لأن الشارع لا يزجر إلا عن منكر، فكيف يشكل هَذَا؟، فتبصّر. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث عليّ رضي الله تعالى عنه هَذَا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -34/ 4208 - وفي "الكبرى" 38/ 7828 وفى "السير" 93/ 8721.

وأخرجه (خ) فِي "المغازي" 4340 و"الأحكام" 7145 و"أخبار الآحاد" 7257 (م) فِي "الإمارة" 3424 و3425 (د) فِي "الجهاد" 2625 (أحمد) فِي "مسند العشرة" 623 و726 و1021. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان جزاء منْ أطاع منْ أمره بمعصية، وهو أنه يستحقّ النار. (ومنها): أَنَّ حُكْم الأمير فِي حَال الْغَضَب، يَنْفُذ مِنْهُ مَا لا يُخالِف الشَّرْع. (ومنها): أَنَّ الْغَضَب يُغَطِّي عَلَى ذَوِي الْعُقُول عقولهم. (ومنها): أَنَّ الْإيمَان بِاللَّهِ يُنَجِّي منْ النَّار لِقَوْلِهِمْ: "إِنَّمَا فررْنا إِلى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ النَّار". (ومنها): أن الْفِرَار إِلى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-، فِرَار إِلى الله، وَالْفِرَار إِلى الله، يُطْلَق عَلَى الْإيمَان، قَالَ الله تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50)} [الذاريات: 50]. (ومنها): أَنَّ الْأَمْر المُطْلَق لا يعُمّ الأحْوال؛ لِأَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم-، أمَرَهُمْ أنْ يُطِيعُوا الأمِير، فَحَمَلُوا ذَلِكَ علي عُمُوم الْأحْوالِ، حَتَّى فِي حَال الْغَضَب، وفِي حال الْأَمْر بِالْمَعْصِيةِ، فبَيَّنَ لهُمْ -صلى الله عليه وسلم-، أنَّ الْأَمْر بِطاعتِهِ، مَقْصُور عَلَى ما كَانَ مِنْهُ فِي غَيْر مَعْصِيَة.

(ومنها): أنه اسْتَنْبَطَ مِنْ هَذَا الحديث الشَّيْخ أبُو مُحَمَّد بْن أَبِي جْمَرَة، أَنَّ الْجَمْع مِنَ هذِهِ الأمة، لا يَجْتمِعُونَ عَلَى خطأ؛ لِانْقِسَام السَّرِيَّة قِسْمَيْنِ: مِنْهُمْ مَنْ هان عَلَيْهِ دُخُول النَّار، فَظَنَّهُ طَاعَة، ومِنْهُمْ منْ فهِم حَقِيقَة الْأَمْر، وَأَنَّهُ مقصُور عَلَى مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ، فكان اخْتِلَافهمْ سبَبًا لِرَحْمَةِ الْجَمِيع. قَالَ: وفِيهِ أَنَّ منْ كَانَ صَادِق النِّيَّة، لا يقع إِلَّا فِي خَيْر، وَلَوْ قَصَدَ الشَّرّ، فَإِنَّ الله يَصْرِفهُ عَنْهُ، ولِهذا قَالَ بعْض أهْل الْمَعْرفَة: منْ صَدَقَ مَعَ اللَّهِ، وقَاهُ اللَّهُ، ومن تَوَكَّل عَلَى اللَّهِ، كفاهُ اللَّهُ. ذكره فِي "الفتح" (?). والله تعالى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015