حَذَر فِي أموره، حتى لا يوافق بطانة السوء، فيقع فِي السوء، ويكون منْ حزبه.
(ومنها): أن الله تعالى هو المستحقّ ليعصم عباده منْ مكاره الدنيا والآخرة، فلا عاصم منْ أمره إلا هو، ولا معصوم إلا منْ عصمه، فالواجب عَلَى المؤمن أن يتوجّه بقلبه، وقالبه إليه سبحانه وتعالى، ويخضع، ويذلّ له بجملته حتى تشمله عنايته تعالى شمولاً كليًّا، كما قَالَ تعالى فِي الحديث القدسيّ الذي أخرجه البخاريّ رحمه الله تعالى فِي"صحيحه" منْ طريق شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله قَالَ: منْ عادى لي وليًا، فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلى عبدي بشيء، أحب إلى مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل، حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء، أنا فاعله، ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت، وأنا أكره مساءته" انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4206 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ" "مَا بُعِثَ مِنْ نَبِيٍّ، وَلاَ كَانَ بَعْدَهُ مِنْ خَلِيفَةٍ، إِلاَّ وَلَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَبِطَانَةٌ لاَ تَأْلُوهُ خَبَالاً، فَمَنْ وُقِيَ بِطَانَةَ السُّوءِ فَقَدْ وُقِيَ").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه منْ أفراده، وهو مصريّ فقيه ثقة.
و"شُعيب": هو ابن الليث بن سعد المصريّ الثقة النبيل الفقيه، منْ كبار [10]. و"عبيد الله بن أبي جعفر" يسار: هو أبو بكر المصريّ الفقيه الثقة [5]. و"صفوان": هو ابن سُليم، أبو عبد الله الزهريّ مولاهم، أبو عبد الله المدنيّ، ثقة مفتٍ عابد، رُمي بالقدر [4] 47/ 59. و"أبو أيّوب": هو خالد بن زيد بن كُليب الأنصاريّ، منْ كبار الصحابة، شهد بدرًا، ونزل عليه النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم حين قدم المدينة، مات رضي الله تعالى عنه غازيًا بالروم سنة (50) وقيل: بعدها، تقدّمت ترجمته فِي 20/ 20.
والحديث صحيح، وَقَدْ تقدّم تمام البحث فيه فِي الحديث الذي قبله، وهو منْ أفراد