وسَمَا، يقال: ألا فِي الأمر: إذا قصّر فيه، ثم استُعمل معدّى إلى مفعولين فِي قولهم: لا آلوك نصحًا، ولا آلوك جُهدًا عَلَى تضمين معنى المنع والنقص (?) (خَبَالاً) بفتح الخاء المعجمة، وهو الفساد، وأصله ما يلحق الحيوان منْ مرض، وفُتور، فيورثه فسادًا، واضطرابًا، يقال: خبَله، منْ باب ضرب، وخبّله، بالتشديد، فهو خابل، ومُخبّل، وذاك مخبولٌ، ومُخبّل. قاله السمين الحلبيّ. وهو منصوب عَلَى التمييز: أي لا تُقصّر له منْ جهة الفساد فِي أمره، يعني أنها لا تقصّر فِي إفساد أمره لعمل مصلحتهم، وقيل: كلّ منْ الضمير، و"خبالاً" منصوب بنزع الخافض، الأول باللام، والثاني بـ"فِي": أي لا يأن له فِي الخبال، وذلك لأن هذه المادّة لازمة، فلا يتعدّى الفعل إليها إلا بواسطة تضمينه المنع. انتهى (?). والجملة صفة لـ"بطانة"، قَالَ فِي "الفتح": هو اقتباس منْ قوله تعالى: {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} [آل عمران: 118].
ونقل ابن التين عن أشهب أنه ينبغي للحاكم أن يتّخذ منْ يستكشف له أحوال الناس فِي السرّ، وليكن ثقةً مأمونا، فطِنًا، عاقلاً؛ لأن المصيبة إنما تدخل عَلَى الحاكم المأمون منْ قبوله قول منْ لا يوثق به، إذا كَانَ هو حسن الظنّ به، فيجب عليه أن يتثبّت فِي مثل ذلك. انتهى.
(فَمَنْ وُقِيَ) بالبناء للمفعول. وقوله (شَرَّهَا) منصوب عَلَى المفعوليّة: أي حُفِظَ شرّ هذه البطانة التي لا تألوه خبالاً (فَقَدْ وُقِيَ) بالبناء للمفعول أيضاً: أي حُفظ منْ كلّ بلاء (وَهُوَ) أي ذلك الوالي الذي له بطانتان موصوفتان بالوصين المذكورين (مِن) الطائفة (الَّتِي تَغْلِبُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا) يعني أنه منْ جنس الطائفة التي تغلب عليه، فإن غلبت عليه بطانة الخير، فهو منْ أهل الخير، وإن غلبت عليه بطانة الشرّ، فهو منْ أهل الشرّ. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هَذَا صحيح، أخرجه المصنّف رحمه الله تعالى هنا -32/ 4204 - وفي "الكبرى" 36/ 7824 وفي "السير" 107/ 8756. وأخرجه (خ) تعليقًا فِي "كتاب الأحكام" 7198. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4205 - (أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي