على أن عليكما عهد اللَّه وميثاقه، لَتَعمَلان فيها بما عمل فيها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وبما عمل فيها أبو بكر، وبما عملت فيها منذ وليتها، فقلتما: ادفعها إلينا، فبذلك دفعتها إليكما، فأنشدكم باللَّه، هل دفعتها إليهما بذلك؟ قال الرهط: نعم، ثم أقبل على علي وعباس، فقال: أنشدكما باللَّه، هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم، قال: فتلتمسان مني قضاء غير ذلك؟، فواللَّه الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، لا أقضي فيها قضاءً غير ذلك، فإن عجزتما عنها، فادفعاها إلى، فإني أكفيكماها. انتهى (?).
(فَقَالَ الْعَبَّاسُ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا) زاد شعيب، ويونس عن ابن شهاب عند البخاريّ: "فاستبّ عليّ وعبّاسٌ"، وفي رواية عقيل، عن ابن شهاب عنده: "اقض بيني، وبين هذا الظالم، استبّا"، وفي رواية جويرية: "وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن"، قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: ولم أر في شيء من الطرق أنه صدر من عليّ في حقّ العباس شيء، بخلاف ما يُفهم من قوله في رواية عقيل: "استبّا". واستصوب المازري صنيع من حذف هذه الألفاظ من هذا الحديث، وقال: لعلّ بعض الرواة وَهِمَ فيها، وإن كانت محفوظة، فأجود ما تُحمل عليه أن العبّاس قالها، دلالاً على عليّ؛ لأنه كان عنده بمنزلة الولد، فأراد ردْعه عما يعتقد أنه يُخطىء فيه، وأن هذه الأوصاف يتّصف بها لو كان يفعل عن عمد، قال: ولا بدّ من هذا التأويل لوقوع ذلك بمحضر الخليفة، ومن ذُكر معه، ولم يصدر منهم إنكارٌ لذلك، مع ما عُلم من تشدّدهم في إنكار المنكر. انتهى (?).
(فَقَالَ النَّاسُ) المراد عثمان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، وسعد بن أبي وقّاص - رضي اللَّه تعالى عنهم -. وفي رواية معمر، عن الزهريّ في "مسند ابن أبي عمر": "فقال الزبير بن العوّام: اقض بينهما"، فيحتمل أنه باشر السؤال، ورضي الباقون به، فنُسب إليهم، واللَّه تعالى أعلم (افْصِلْ بَيْنَهُمَا) وزاد في رواية مسلم: "فقال مالك بن أوس: يُخيّل إليّ أنهم قد كانوا قدّموهم لذلك" (فَقَالَ عُمَرُ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (لَا أَفْصِلُ بَيْنَهُمَا) أي لا أقض بينهما على ما يريدانه، من قسمة مال بني النضير، ولس المراد أنه يتركهما يتخاصمان دائماً (قَدْ عَلِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ") تقدّم شرحه في شرح حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - السابق في هذا الباب (قَالَ) الراوي، وهو عكرمة بن خالد (فَقَالَ الزُّهْرِيُّ) ظاهر هذا أن الكلام الآتي لم يروه أيوب عن عكرمة بن خالد، عن مالك بن أوس، وإنما رواه عن الزهريّ، عن مالك بن أوس،