تعالى عليه وسلم - خاصّة أعطاها إياه، فقال: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} الآية [الحشر: 6]. قال: فأعطى أكثرها للمهاجرين، وبقي منها صدقة رسول اللَّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - التي في أيدي بني فاطمة". وروى عمر بن شبّة من طريق أبي عون، عن الزهريّ، قال: "كانت صدقة النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - بالمدينة أموالًا لمُخيريق بالمعجمة، والقاف، مصغرًا- وكان يهوديًّا، من بقايا بني قينقاع، نازلاً ببني النضير، فشهد أحدًا، فقتل به، فقال النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -: "مُخيريقٌ سابق يهود، وأوصى مخيريقٌ بأمواله للنبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -". ومن طريق الواقديّ بسنده عن عبد اللَّه بن كعب، قال: "قال مخيريقٌ إن أُصبتُ فأموالي لمحمد، يضعها حيث أراه اللَّه"، فهي عامّة صدقة رسول اللَّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -، قال: وكانت أموال مخيريق في بني النضير. أفاده في "الفتح" (?).
(قَالَ أَبُو بَكْرِ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (إِنَّ رسُول اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَالَ: "لَا نُوَرَثُ" هكذا الرواية في نسخ "المجتبى" مختصرة، وزاد في "الكبرى" - وهي رواية الشيخين، وغيرهما-: "ما تركنا صدقة"، ولعلها سقطت من بعض لساخ "المجتبى"، فإن الإسناد في الكتابين واحد. واللَّه تعالى أعلم.
فقوله: "لا نورث" بفتح الراء في الرواية، ولو رُوي بالكسر لصحّ المعنى أيضًا. قاله في "الفتح" (?).
وقال السنديّ: "لا نورث " أي نحن، يريد معاشر الأنبياء، وهذا الخبر قد رواه غير أبي بكر أيضّا، وتكفي رواية أبي بكر لوجوب العمل به، ولا يرد أن خبر الآحاد كيف يُخضص عموم القرآن؛ لأن ذلك بالنظر إلى من بلغه الحديث بواسطة، وأما من أخذه بلا واسطة، فالحديث بالنظر إليه كالقرآن في وجوب العمل، فيصحّ به التخصيص، على أن كثيرًا من العلماء جوّز التخصيص بأخبار الآحاد، فلا غبار أصلاً. انتهى (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحقّ أن القول بجواز التخصيص بخبر الآحاد هو الصواب، وهو قول الجمهور، ومنهم الأئمة الأربعة، فيما حكاه ابن الحاجب، وقد أُجيب عن قول المانعين بأنه إن جاز يلزم ترك القطعي بالظنّي، بأن محل التخصيص دلالة العامّ، وهي ظنيّة، والعمل بالظننين أولى من إلغاء أحدهما. وإلى الأقوال في مسألة نسخ الكتاب بالسنّة وعكسه أشار في "الكوكب الساطع" حيث قال: