يُكلّمهُ، أوْ يستغِيث، فإن مُنِع، أوْ امتنع لم يكُن لهُ قِتاله، والا فلهُ أن يدْفعهُ عن ذَلِكَ، ولوْ أتى على نفسِهِ، وليس عليهِ عقل، ولا دِية، ولا كفَّارة، لكِن ليس لهُ عمدُ قتله. قال انن المْنْذِر: والّذِيِ عليهِ أهل العِلم، أنَّ لِلرَّجُلِ أن يدْفع عمَّا ذُكِر، إِذا أُرِيد ظُلْمًا، بِغيرِ تفصِيل، إِلا أن كُل من يُحْفظُ عنهُ، من عُلماءِ الحديث المُجْمِعِينَ على استِثناءِ السُّلطانِ، للآثارِ الوارِدةِ بِالأمرِ بِالصبرِ على جوْرِهِ، وترْك القِيام عليهِ.
وفرَّق الأوْزاعي بين الحال التِي لِلنَّاسِ فِيها جماعة وإمام، فحمل الحديث عليها، وأمَّا في حال الاختِلاف والفُرْقة، فلْيسْتَسْلم، ولا يُقاتِل أحدًا.
ويردُّ عليهِ ما وقع في حدِيث أبِي هُريرة، عِند مُسْلِم، بِلفظ: "أرأيت إن جاء رجُل يُريدُ أخذ مالي؟ قال: "فلا تُعْطِهِ"، قال: أرأيت إنْ قاتلنِي؟ قال: "فاقتُلهُ"، قال: أرأيت إن قتلنِي؟ قال: "فأنت شهِيد"، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: "فهُو في النَّارِ" (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي القول بالإطلاق، كما هو رأي الجمهور هو الأرجح؛ لإطلاق النص. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4087 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ (?) , قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ, عَنْ أَبِي يُونُسَ الْقُشَيْرِيِّ, عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو, قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ, فَقُتِلَ, فَهُوَ شَهِيدٌ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا، و"محمد بن عبد اللَّه بن بزِيع": هو البصريّ الثقة [10]. 43/ 588. و"بِشر بن المفَضَّل": هو أبو إسماعيل البصريّ، الثقة الثبت العابد [8]. 66/ 82. و"أبو يونس القُشيريّ": هو حاتم بن أبي صغِيرة المذكور في السند الماضي.
و"عبد اللَّه بن صفوان": أبو صفوان الْجُمَحِيّ المكيّ، وُلد في عهد النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -، ولأبيه صحبة مشهورة، وقُتل مع ابن الزبير، وهو متعلّقٌ بأستار الكعبة سنة (73)، وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من التابعين، وله عند المصنّف حديثان فقط: هذا الحديث، وفي "كتاب الحجّ" 112/ 2880 حديث حفصة بنت عمر - رضي اللَّه تعالى عنها -، مرفوعًا: "ليؤمّنّ هذا البيت جيش، يغزوه" الحديث، وتقدّمت ترجمته بالرقم المذكور.
والحديث متّفقٌ عليه، وتقدم شرحه، وبيان مسائله في الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم