وله أن يتركه، وليس لأمته ترك استيفاء حقّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -. وأيضًا فإن هذا كان في أوّل الأمر، حيث كان - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - مأمورا بالعفو والصفح. وأيضًا فإنه كان يعفو عن حقّه لمصلحة التأليف، وجمع الكلمة، ولئلّا يُنفّر الناس عنه، ولئلّا يتحدّثوا أنه يقتل أصحابه، وكل هذا مختصّ بحياته - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -. انتهى كلام ابن القيّم -رحمه اللَّه تعالى-.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله ابن القيّم -رحمه اللَّه تعالى- هو الحقّ عندي. وحاصله وجوب قتل من سبّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - مطلقًا، سواء كان مسلمًا، أو ذميًّا؛ لحديث الباب، وغيره من الأدلة المتقدّمة، ولأنه إجماع الصدر الأول، كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه اللَّه تعالى-. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
407388 - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُدَامَةَ بْنِ عَنَزَةَ, عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ, قَالَ: أَغْلَظَ رَجُلٌ لأَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ, فَقُلْتُ: أَقْتُلُهُ, فَانْتَهَرَنِي, وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا لأَحَدٍ, بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -).
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (عمرو بن عليّ) الفلاّس الصيرفيّ البصريّ، ثقة ثبت [10] 4/ 4.
2 - (معاذ بن معاذ) العنبريّ، أبو المثنّى البصريّ الثقة الثبت، من كبار [9] 34/ 38.
3 - (شعبة) بن الحجاج الإمام الحجة الثبت [7] 24/ 27.
4 - (توبة) بن أبي الأسد كيسان بن راشد، أبو المُورّع البصريّ، ثقة [4] 33/ 2176.
5 - (عبد اللَّه بن قُدامة) بن عَنَزَة بفتح المهملة، والنون، والزاي -أبي السّوَّار العنبريّ البصريّ، والد سوار القاضي الأكبر، ثقة [4].
روى عن أبي برزة. وعنه توبة العنبريّ. قال النسائيّ: ثقة. وذكره ابن حبّان في "الثقات". تفرد به المصنّف بهذا الحديث فقط.
6 - (أبو برزة الأسلميّ) نَضْلة بن عُبيد الصحابيّ المشهور، أسلم - رضي اللَّه تعالى عنه - قبل الفتح، وغزا سبع غزوات، ثم نزل البصرة، وغزا خُراسان، ومات بها سنة (65) على الصحيح، تقدّم في 2/ 495. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير عبد اللَّه بن قُدامة، فإنه من أفراده. (ومنها): أنه مسلسل