شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، غير شيخه، وهو مصريّ ثقة فقيه حافظ.
وغرض المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بيان مخالفة يونس لسفيان بن حسين في روايته لهذا الحديث، حيث جعله من مسند أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، وقد سبق الجواب عن هذا في الحديث الذي قبله، فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
وقوله (جَمَعَ شُعَيْبُ بْنُ أَبي حَمْزَةَ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا) أي روى حديثي الزهريّ المذكورين، حديثه عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - بقصّة عمر مع أبي بكر - رضي اللَّه عنهما -، وحديثه عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - من مسنده" لكن مراده بالجمع رواية الحديثين، لا أنه جمعهما بسند واحد، كما يتبيّن من صنيعه، فإنه أخرج كلّا من الروايتين بإسنادين منفصلين، فقد ساق الرواية الأولى بقوله:
3974 - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ, قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ, عَنْ شُعَيْبٍ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ, أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ, قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ, وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ, قَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا بَكْرٍ, كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ, وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ, حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ, فَمَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ, فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ, إِلاَّ بِحَقِّهِ, وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-» , قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ, فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ, فَوَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا, كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا, قَالَ عُمَرُ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ, إِلاَّ أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ, فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: (أحمد بن محمد بن المغيرة): هو الأزديّ الحمصيّ، صدوقٌ [11] 69/ 85 من أفراد المصنّف. و"عثمان": هو ابن سعيد بن كثير بن دينار القرشيّ مولاهم، أبو عمرو الحمصيّ، ثقة عابد [9] 69/ 85. والباقون من رجال الصحيح، و "شعيب": هو ابن أبي حمزة الحمصيّ.
وقوله: "وكان أبو بكر الخ" "كان" هنا تامّة، أي حصل ووُجد، أو هي ناقصة، وخبرها محذوف، أي خليفةً، ويدلّ لهذا الرواية الأخرى بلفظ: "واستُخلف أبو بكر".
وقوله: "ما هو الخ" أي ليس سبب رجوعي إلى رأي أبي بكر - رضي اللَّه عنه - إلا لرؤيتي شرح اللَّه سبحانه وتعالى صدر أبي بكر - رضي اللَّه عنه - لإصابة الحقّ في قتال المرتدّين، فرجعت إلى الحقّ. والحديث متَّفَقٌ عليه، كما سبق قريبًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.