مُخَاطَبَتِهِ إيَّاهُ، قَبْلَ تَصَادُرِنَا عَنْ مَنْطِقِنَا) وقوله (وَافْتِرَاقِنَا عَنْ مَجْلِسِنَا الَّذِي جَرَى بَيْنَنَا فِيهِ) تفسير لما قبله، من قولها: قبل تصادرنا عن مطقنا (أَقَرَّتْ فُلَانَةُ، وَفُلَانٌ) تعني أن المرأة الطالبة للخلع أقرّت بما اشتمل عليه هذا الكتاب، وأقرّ بقبول ذلك الزوج المخالع. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".
...
قال الفيّوميّ -رحمه اللَّه تعالى-: يقال: كاتبتُ العبدَ مُكاتبةً، وكتابًا، من باب قاتل، قال اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ} [النور: 33]، وكتبنا كتابًا في المعاملات، وكتابة بمعنى، وقول الفقهاء: "باب الكتابة" فيه تسامحٌ؛ لأن الكتابة اسم المكتوب، وقيل: للمكاتبة كتابةٌ تسميةٌ باسم المكتوب، مجازًا، واتساعًا؛ لأنه يُكتَب في الغالب للعبد على مولاه كتابٌ بالعتق عند أداء النجوم، ثم كثُر الاستعمال حتى قال الفقهاء للمكاتبة: كتابة، وإن لم يُكتب شِيء. قال الأزهريّ: وسُمّيت المكاتبة كتابةً في الإسلام، وفيه دليلٌ على أن هذا الإطلاق ليس عربيًّا، وشذّ الزمخشريّ، فجعل المكلاتبة، والكتابة بمعنًى واحد، ولا يكاد يوجد لغيره ذلك، ويجوز أنه أراد الكتاب، فطغا القلم بزيادة الهاء. قال الأزهريّ: الكتاب، والمكاتبة أن يُكاتِبَ الرجلُ عبدَهُ، أو أمته على مال منجَّمٍ، ويَكتُب العبدُ عليه أنه يَعتِقُ إذا أدَّى النجوم. وقال غيره بمعناه، وتكاتبا كذلك، فالعبدُ مكاتبٌ؛ بالفتح، اسم مفعول، وبالكسر اسم فاعل؛ لأنه كاتب سيّده، فالفعل منهما، والأصل في باب المفاعلة أن يكون من اثنين، فصاعدًا، يفعل أحدهما بصاحبه ما يفعل هو به، وحينئذ، فكل واحد فاعلٌ ومفعول من حيث المعنى. انتهى كلام الفيّوميّ (?).
(قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] , هَذَا كِتَابٌ, كَتَبَهُ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ, فِي صِحَّةٍ مِنْهُ, وَجَوَازِ أَمْرٍ, لِفَتَاهُ النُّوبِيِّ, الَّذِي يُسَمَّى فُلاَنًا, وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فِي مِلْكِهِ وَيَدِهِ, إِنِّي كَاتَبْتُكَ عَلَى ثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ, وُضْحٍ