بدر، ووقعة بدر كانت في السنة الثانية من الهجرة يوم سابع عشر رمضان (فَجَاءَ سَعْدٌ) - رضي اللَّه عنه - (بِأَسِيرَينِ، وَلَمْ أَجِئْ أَنَا، وَلَا عَمَّارٌ بِشَيْءٍ) استدلّ بهذا على جواز شركة الأبدان، وهي أن يشترك العاملان فيما يعملانه، فيوكّل كلّ واحد منهما صاحبه أن يتقبّل العمل، ويعمل عنه في قدر معلوم، مما استؤجر عليه، ويُعيّنان الصنعة، وقد ذهب إلى صحّتها مالك بشرط اتحاد الصنعة، وإلى صحّتها ذهب أبو حنيفة، وأصحابه. وقال الشافعيّ: شركة الأبدان كلها باطلة؛ لأن كلّ واحد منهما متميّز ببدنه، ومنافعه، فيختصّ بفوائده، وهذا كما لو اشتركا في ماشيتيهما، وهي متميّزة ليكون الدرّ والنسلُ بينهما، فلا يصحّ.

وأجابت الشافعيّة عن هذا الحديث بأن غنائم بدر كانت لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يدفعها لمن يشاء، وهذا الحديث حجة على أبي حنيفة وغيره، ممن قال: إن الوكالة في المباحات لا تصحّ. أفاده الشوكانيّ -رحمه اللَّه تعالى- (?).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: لكن الحديث ضعيف، كما سيأتي قريبًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا ضعيف؛ للانقطاع بين أبي عُبيدة، وأبيه؛ لأن الراجح أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، ولأن فيه عنعنة أبي إسحاق، وهو مدلّس. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-6/ 3965 - وفي "الكبرى" 3/ 4671. وأخرجه (د) في "البيوع" 2388 (ق) في "التجارات" 2288. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

3966 - (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ, قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ, عَنْ يُونُسَ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, فِي عَبْدَيْنِ مُتَفَاوِضَيْنِ, كَاتَبَ أَحَدُهُمَا, قَالَ: جَائِزٌ إِذَا كَانَا مُتَفَاوِضَيْنِ, يَقْضِي أَحَدُهُمَا عَنِ الآخَرِ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة.

وقوله: "متفاوضين" المفاوضة: المساواة، والمشاركة، وهي مفاعلة من التفويض،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015