أَثْلاَثًا, وَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ وَضِيعَةٍ, وَتَبِعَةٍ فَهُوَ عَلَيْهِمْ أَثْلاَثًا, عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمْ.

وَقَدْ كُتِبَ هَذَا الْكِتَابُ, ثَلاَثَ نُسَخٍ مُتَسَاوِيَاتٍ, بِأَلْفَاظٍ وَاحِدَةٍ, فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ فُلاَنٍ, وَفُلاَنٍ, وَفُلاَنٍ وَاحِدَةٌ وَثِيقَةً لَهُ, أَقَرَّ فُلاَنٌ, وَفُلاَنٌ, وَفُلاَنٌ).

شرح كتاب العقد المذكور:

قوله: (هَذَا) إشارة إلى كتاب العقد (مَا اشْتَرَكَ عَلَيْهِ فُلَانٌ، وَفُلَانٌ، وَفُلَانٌ، فِي صِحَّةِ عُقُولِهِم، وَجَوَازِ أَمْرِهِمُ) أي ليسوا مجانين، ولا صبيانًا حتى تمنع تصرّفاتهم (اشْتَرَكُوا شَرِكَةَ عَنَانٍ) تقدّم تفسيرها قريبًا (لَا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ) سيأتي تفسيرها قريبًا، إن شاء اللَّه تعالى (بَينَهُم) متعلّق بـ "شركة" (فِي ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَم، وُضْحًا) بضمّ، فسكون: أي صحاحًا، وتقدّم الكلام عليه في شرح عقد المضاربة، وأن هذه اللفظة لم أجدها في كتب اللغة التي عندي، وإنما ذكروا وَضَحًا بفتحتين، وجمعه أوضاح (جِيَادًا، وَزْنَ سَبْعَةٍ) أي كلّ عشرة منها وزن سبعة مثاقيل، كما تقدّم بيانه (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشْرَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ، خَلَطُوهَا جَمِيعًا، فَصَارَتْ هَذِه الثَّلَاِثِينَ أَلْفَ دِرْهَمْ، فِي أَيْدِيِهمْ مَخْلُوطَةً، بِشَرِكةٍ) أي بسبب اشتراك (بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا فِيهِ بِتَقوَى اللَّهِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ، مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم، إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ) يعني أن كلّ واحد من الشركاء الثلاثة يؤدّي ما ائتُمن عليه إلى صاحبيه (وَيَشْتَرُونَ جَمِيعًا بِذَلِكَ) المال الذي جعلوه رأس مالهم في هذه الشركة (وَبِمَا رَأَوْا مِنْهُ اشْتِرَاءَهُ بِالنَّقْدِ) هو خلاف النسية (وَيَشْتَرُونَ بِالنَّسِيئَةِ عَلَيْهِ) أي بتأخير وقت دفعه (مَا رَأَوْا أن يَشتَرُوا من أَنوَاع التجَارَاتِ، وَأَنْ يَشتَرِيَ كُل وَاحِدِ مِنْهُم عَلَى حِدَتِهِ) بكسر الحاء المهملة، وفتح الدالَ: أي منفردًا، يقال: وحَدَ يَحِدُ حِدَةً، من باب وَعَدَ: انفرد بنفسه، فهو وَحَدٌ بفتحتين، وكسرُ الحاء لغة. ووَحُدَ بالضمّ وَحَادةً، ووَحْدَةً، فهو وَحِيدٌ كذلك، وكلُ شيء على حِدَةِ: أي متميِّزٌ عن غيره. قاله الفيّوميّ (دُونَ صَاحِبِهِ) هكذا النسخ بالإفراد، وكان الأولى "صاحبيه", لأنهما اثنان، وأجيب بأنه مفرد مضاف، فيعمّ، فيجوز إطلاقه على الاثنين (بذَلِكَ) المال كلّه (وَبمَا رَأَى مِنْهُ) أي ببعضه (مَا رَأَى اشْتِرَاءَهُ مِنْهُ بالنَّقْدِ، وَبِمَا رَأَى اشتِرَاءَهُ عَلَيْهِ بالنَّسِيئَةِ، يَعْمَلُونَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُجْتَمِعِينَ، بمَا رَأَوا، وَيَعْمَلُ كُلُّ وَاحِدِ مِنْهُمْ مُنْفَرِدًا بِهِ، دُونَ صَاحِبهِ) بالإفراد، وتقدّم آنفًا توجيهه (بِمَا رَأَى، جَائِزًا) منصوب على الحال، وفي نسخة بالَرفع، على أنه خبر لمقدّر، أي هذا جائزٌ (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيهِ، فِيمَا اجتَمَعُوا عَلَيْهِ، وَفِيمَا انْفَرَدُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ، كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ) الظاهر أن "كلّ" بالرفع على الفاعلية لـ"انفردوا"، فيكون من باب "أكلوني البراغيث"، ويحتمل أن يكون مبتدأ خبره محذوف: أي جائز له، فتكون الجملة مؤكّدة لما قبلها (دُونَ الآخَرَيْنِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015