وقوله: "وعلى الأوساق": الواو بمعنى "أو"، كما في "الفتح"، و"الأَوْساقُ" -بفتح الهمزة، جمع وِسق بكسر، فسكون، كحِمل وأحمال، وهو ستّون صاعًا، أو حِمْلُ بعير. وفي رواية البخاريّ: "وعلى الأَوْسُق" وهو جمع وَسْق، بفتح، فسكون.

وقوله: "ازرعوها": الهمزة هنا همزة وصل، وهي مكسورة في الابتداء، وتُحذف عند الدرج، والراء مفتوحة، أمر من زرع، من باب فَتَح.

وقوله: "أو أَعيروها": الهمزة هنا همزة قطع، فهي مفتوحة؛ لأنه أمر من الإعارة.

وقوله: "أو أمسكوها": أي اتركوها مُعطَّلَة، بغير زرع. زاد في رواية البخاريّ، من طريق الأوزاعيّ، عن أبي النجاشيّ: "قلت: سمعًا، وطاعةً"، وهما بالنصب، ويجوز رفعهما، كما قاله في "الفتح" (?).

والحديث متّفقٌ عليه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

وقوله (خَالَفَهُ الأَوْزَاعيُّ، فَقَالَ: عَنْ رَافِعٍ، عَنْ ظُهَيرِ بْنِ رَافِعٍ) أشار به إلى أن الأوزاعيّ خالف يحيى بن أبي كثير في روايته لهذا الحديث، عن أبي النجاشيّ، فرواه عنه، عن رافع - رضي اللَّه عنه -، عن عمّه ظُهير - رضي اللَّه عنه -، فجعله من مسند ظهير - رضي اللَّه عنه -، لا من مسند رافع - رضي اللَّه عنه -، وقد أشار الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- في "الفتح" (?) إلى ترجيح رواية الأوزاعيّ، بأن حنظلة بن قيس تابعه عليه، وقد تقدّمت روايته في -3925 - لكن فيه أن يحيى بن أبي كثير لم ينفرد به، فقد تابعه عكرمة بن عمّار، عند مسلم، فقد أخرجه من طريق عبد الرحمن بن مهديّ، عن عكرمة، عن أبي النجاشيّ، عن رافع بن خديج - رضي اللَّه عنه -، ولم يذكر ظُهيرًا، فالذي يظهر أن يُحمل على أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - خاطب كلًّا منهما بذلك؛ كما تقدّم تحقيق ذلك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

ثم ساق رواية الأوزاعيّ، فقال:

3951 - (أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ, قَالَ: حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ, عَنْ أَبِي النَّجَاشِيِّ, عَنْ رَافِعٍ, قَالَ: أَتَانَا ظُهَيْرُ بْنُ رَافِعٍ, فَقَالَ: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا رَافِقًا, قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ , قَالَ: أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَهُوَ حَقٌّ, سَأَلَنِي كَيْفَ تَصْنَعُونَ فِي مَحَاقِلِكُمْ؟ , قُلْتُ: نُؤَاجِرُهَا عَلَى الرُّبُعِ, وَالأَوْسَاقِ مِنَ التَّمْرِ, أَوِ الشَّعِيرِ, قَالَ: «فَلاَ تَفْعَلُوا, ازْرَعُوهَا, أَوْ أَزْرِعُوهَا, أَوْ أَمْسِكُوهَا»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015