والحديث صحيح، وقال الشيخ الألبانيّ في "الإرواء" - 5/ 298 - : شاذّ بزيادة "بشيء"؛ لأنها تنافي كراءها بالذهب والفضّة، وهو جائز، كما في بعض الطرق، عن رافع التصريح بذلك. انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أنه لا تنافي بين قوله: "بشىء"، وجواز الإكراء بالدراهيم، والدنانير، فإن المراد بقوله: "بشيء" أي مما يؤدّي إلى النزاع، وهي الصور التي تقدّم بيانها، مثل استثنائه ما على الماذيانات، ونحو ذلك، وقد صحّ في "الصحيحين"، وغيرهما عن رافع - رضي اللَّه عنه -، أنه قال: نهى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عن كراء المزارع، كما تقدّم، ولم يقيده بشيء، بل أطلقه، وهو أيضًا يتعارض مع ما ذكره الشيخ، فما يكون جوابًا هناك يكون جوابا هنا، دون فرق، فليُتنبّه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
3943 - (أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ, عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ, قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ, عَنْ مُحَمَّدٍ, وَنَافِعٍ, أَخْبَرَاهُ, عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, نَهَى عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه - رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا. و"عبد الوهّاب": هو ابن عبد المجيد الثقفيّ البصريّ. و"هشام": هو ابن حسّان القُرْدُوسيّ البصريّ. و "محمد": هو ابن سيرين. و"نافع": هو مولى ابن عمر.
والحديث صحيح. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا, ونعم الوكيل.
وقوله (رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ) أشار به إلى أن حديث رافع بن خديج - رضي اللَّه عنه - رواه عنه عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب - رضي اللَّه عنه -، وهو ثاني الصحابيين الذين رويا هذا الحديث عن رافع - رضي اللَّه عنه -، فقد تقدّم أُسيد بن ظهير - رضي اللَّه عنه - في ثاني حديثي الباب.
وقوله (وَاختُلِفَ عَلَى عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ) بالبناء للمجهول، وزاد في "الكبرى": "في روايته عنه فيه". يعني أن الرواة اختلفوا على عمرو بن دينار، في روايته لهذا الحديث عن ابن عمر - رضي اللَّه عنهما -، كما بيّن ذلك بقوله:
3944 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ, قَالَ: أَنْبَأَنَا وَكِيعٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ, قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ, يَقُولُ: كُنَّا نُخَابِرُ, وَلاَ نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا, حَتَّى زَعَمَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, نَهَى عَنِ الْمُخَابَرَةِ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا.
و"سفيان": هو الثوريّ.
وقوله: "كنّا نخابر" تقدّم أن المشهور أن المخابرة هي المزارعة. والحديث أخرجه