أَدْرِي كَمْ هِيَ؟).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا.

و"فُضيل هو بن سليمان، أبو سليمان البصريّ.

وقوله: "أنه كان صاحب مزرعة الخ" الضمير لرافع بن خَديج - رضي اللَّه عنه -، يقول ابن عمر - رضي اللَّه عنهما -: إنما حفظ رافع - رضي اللَّه عنه - هذا؛ لكونه صاحب مزرعة يُكريها بشروط فاسدة، فسمع النهي، فحفظه؛ لأن العادة أن من ابتُلي بقضيّة يحفظها. واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: "قد علمنا أنه كان صاحب مزرعة الخ": الظاهر من كلام ابن عمر - رضي اللَّه عنهما - واللَّه أعلم- الإشارة إلى أن سبب نهيه - صلى اللَّه عليه وسلم - عن كراء المزارع، كونهم يشترطون شروطًا فاسدة، تضرّ بأحد الجانبين، مثل اشتراط أن لصاحب الأرض ما ينبت على جانبي النهر، وكذا اشتراط التبن له، وهذا مما يؤدّي إلى الخصام والنزاع، فلذا نهى رسول - صلى اللَّه عليه وسلم - عنه؛ دفعًا للفساد، لا أنه نهى عن المزارعة بالأجرة المعلومة من الدراهيم، والدنانير، ونحوها، مما لا يؤدّي إلى النزاع، فإن ذلك جائز، ومع هذا ترك ابن عمر - رضي اللَّه عنهما - المزارعة مطلقًا؟ تورّعًا.

هذا الذي يظهر من كلامه، لكن في رواية البخاريّ ما يدلّ على غير هذا, ولفظه: "قد علمتَ أنا كنّا نُكري مزارعنا على عهد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بما على الأربعاء، وبشيء من التبن"، فهذا يدلّ على أن ابن عمر كان يزارع على الصفة التي جاء بها النهي، فعلى هذا فترك ابن عمر - رضي اللَّه عنهما -، لا للورع فقط، بل لعلمه بأن النهي للتحريم، فليُتأمل. واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: "التبن" بكسر التاء، وسكون الموحّدة: ساق الزرع بعد دياسته.

وحديث رافع - رضي اللَّه عنه - من رواية نافع متّفقٌ عليه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

وقوله (رَوَاهُ ابْنُ عَوْنٍ, عَنْ نَافِعٍ، فَقَالَ: عَنْ بَعْضِ عُمُومَتِهِ) يعني أن هذا الحديث رواه عبد اللَّه بن عون بن أرطبان البصريّ، عن نافع، متابعًا لموسى بن عُقبة، لكنه خالفه في قوله: "عمومته"، فقال: "عن بعض عمومته"، وهذا الاختلاف لا يضرّ؛ لأن "عمومته" يُحمل على بعضهم مجازا. واللَّه تعالى أعلم.

3936 - (أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ, قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَوْنٍ, عَنْ نَافِعٍ, كَانَ ابْنُ عُمَرَ, يَأْخُذُ كِرَاءَ الأَرْضِ, فَبَلَغَهُ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ شَيْءٌ, فَأَخَذَ بِيَدِي, فَمَشَى إِلَى رَافِعٍ, وَأَنَا مَعَهُ, فَحَدَّثَهُ رَافِعٌ, عَنْ بَعْضِ عُمُومَتِهِ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, نَهَى عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ, فَتَرَكَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدُ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015