أحدثك جابر بن عبد اللَّه، أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "من كانت له أرض، فليزرعها، أو ليزرعها أخاه، ولا يُكرِها"؟ قال: نعم.
فهذا صريح في أن السائل هو سليمان بن موسى، والمسؤول هو عطاء، بخلاف رواية المصنّف، فإنه بالعكس، والذي يظهر لي أن رواية المصنّف مقلوبة، والدليل على ذلك أن الحديث أخرجه الشيخان، من رواية عطاء، عن جابر، فأخرجه البخاريّ في "الحرث والمزارعة"
2340 - حدثنا عبيد اللَّه بن موسى أخبرنا الأوزاعي، عن عطاء، عن جابر - رضي اللَّه عنه -، قال: كانوا يزرعونها بالثلث، والربع، والنصف، فقال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من كانت له أرض فليزرعها، أو ليمنحها، فإن لم يفعل فليمسك أرضه".
وفي "كتاب الهبة، وفضلها" قال:
2632 - حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا الأوزاعيّ، قال: حدثني عطاء، عن جابر - رضي اللَّه عنه -، قال: كانت لرجال منا فُضول أرضين، فقالوا: نؤاجرها بالثلث، والربع، والنصف؟، فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من كانت له أرض فليزرعها، أو ليمنحها أخاه، فإن أبى فليمسك أرضه".
وأخرجه مسلم من عدّة طرق، عن عطاء، عن جابر - رضي اللَّه عنه -، فأخرجه من رواية مطر الوراق، والأوزاعيّ، وبُكيبر بن الأخنس، وعبد الملك بن ميسرة، أربعتهم، عن عطاء، عن جابر - رضي اللَّه عنه -.
وقد صرّح عطاء بالسماع في رواية ابن ماجه، ولفظه:
2451 - حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقيّ، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعيّ، حدثني عطاء، قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه، يقول: كانت لرجال منا فضول أرضين، يؤاجرونها على الثلث والربع، فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من كانت له فضول أرضين فليزرعها، أو ليزرعها أخاه، فإن أبى فليمسك أرضه".
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحاصل أن سماع عطاء لهذا الحديث من جابر بن عبد اللَّه - رضي اللَّه عنه -، مما لا شكّ فيه، ولا ارتياب، والذي يظهر لي أن رواية المصنّف دخلها القلب، من بعض رواتها، أو منه -فسبحان من لا يسهو، ولا يغفل- فجعل السائل عطاءً، والمسؤول سليمان بن موسى، فاستنبط منه المصنّف أن رواية عطاء المتقدّمة منقطعة؛ لأنه إنما سمعها من سليمان بن موسى الأشدق، هذا الذي يفهم من كلامه.
ولكن كيف ساغ له ذلك؟ وسليمان عن جابر منقطع؛ لأنه لم يسمع منه، كما صرّح بذلك ابن معين، وغيره، كما ذكره في ترجمته من "تهذيب التهذيب" 2/ 111 - 112 -