في سنبله بالبرّ. وقيل: بيع الزرع قبل إدراكه. وإنما نُهي عنها؛ لأنها من المكيل، ولا يجوز فيه إذا كان من جنس واحد، إلا مثلاً بمثل، ويدًا بيد، وهذا مجهولٌ، لا يُدرى أيهما أكثر. انتهى (?).
(وَبَيْعِ الثمَرِ، حَتَّى يُطْعَمَ) بالبناء للمفعول: أي حتى يصير صالحًا للأكل (إِلَّا الْعَرَايَا) جمع عَرِية، كعَطيّة، وعطايا، وهَديّة وهدايا، وقد فِسّرت بتفاسير. قال ابن الأثير -رحمه اللَّه تعالى-: اختُلف في تفسيرها، فقيل: إنه لَمّا نَهَى عن المزابنة، وهو بيع الثمر في رؤوس النخل بالتمر رَخّص في جملة المزابنة في العرايا، وهو أن من لا نخل له، من ذوي الحاجة يُدرك الرُّطَب، ولا نقد بيده يشتري به الرطب لعياله، ولا نخل له يُطعمهم منه، ويكون قد فضل له من قوته تمر، فيجيىء إلى صاحب النخل، فيقول له: بِعْني ثمر نخلة، أو نخلتين بِخَرْصها من التمر، فيُعطيه ذلك الفاضل من التمر بثمر تلك النخلات؛ ليُصيب من رُطَبها مع الناس، فرَخَّص فيه، إذا كان دون خمسة أوسق. والْعَريّة: فَعيلة بمعنى مفعولة، من عراه يعروه: إذا قصده. ويحتمل أن تكون فَعِيلة بمعنى فاعلة، من عَرِيَ يَعْرَى: إذا خلع ثوبه، كأنها عُرِّيت من جملة التحريم، فعَرِيت: أي خرجت. انتهى كلام ابن الأثير (?).
وقال السنديّ: وظاهر هذا الاستثناء أن المراد ما يُعطيه صاحب المال لبعض الفقراء، من نخلة، أو نخلتين، ثم يثقُل عليه دخول الفقير في ماله كلّ يوم لخدمة النخلة، فيستردّ منه النخلة على أن يعطيه قدرًا من التمر في أوانه، ولا يناسب للحديث تفسير العريّة بنخلة يشتريها من يريد أكل الرطب، ولا نقد بيده، يشتريها به، فيشتريها بتمر بقي من قوته، إذ لا وجه للرخصة في الشراء قبل بدوّ الصلاح، بل هو أحوج إلى اشتراط بدوّ الصلاح من غيره، فكيف يُرخّص له في خلافه من غير حاجة، إلا أن يُجعل الاستثناء عن المزابنة، كما في سائر الأحاديث، وإن كان بعيدًا من هذا الحديث، فليُتأمّل. انتهى كلام السنديّ (?).
وسيأتي تمام البحث في ذلك في "كتاب البيوع"، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته: