الْخَبَار، وهي الأرض الليّنة، والْخَبِير: الأَكّار. وقيل: المخابرة: معاملة أهل خيبر.
وقد جاء حديث جابر - رضي اللَّه عنه - مفسّرًا، فروى البخاريّ بإسناده عن جابر - رضي اللَّه عنه - قال: كانوا يزرعونها بالثلث، والربع، والنصف، فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من كانت له أرضٌ، فليزرعها، أو ليمنحها أخاه، فإن لم يفعل، فليُمسك أرضه". ورُوي تفسيرها عن زيد بن ثابت - رضي اللَّه عنه -، فقد روى أبو داود بإسناده عن زيد - رضي اللَّه عنه - قال: نهى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عن المخابرة، قلت: وما المخابرة؟ قال: أن يأخذ الأرض بنصف، أو ثلث، أو ربع.
واحتجّ الأولون بما روى ابن عمر - رضي اللَّه عنهما - قال: إن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرُج منها، من زرع، أو ثمر. متّفقٌ عليه. وقد رُوي ذلك عن ابن عبّاس، وجابر بن عبد اللَّه - رضي اللَّه عنهم -. وقال أبو جعفر: عامل رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أهل خيبر بالشطر، ثم أبو بكر، ثم عمر، وعثمان، وعلي - رضي اللَّه عنهم -، ثم أهلوهم إلى اليوم، يُعطُون الثلث، والربع، وهذا أمر صحيحٌ، مشهور، عَمِل به رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - حتى مات، ثم خلفاؤه الراشدون حتى ماتوا، ثم أهلوهم من بعده، فروى البخاريّ عن ابن عمر أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرُجُ منها، من زرع، أو ثمرٍ، فكان يُعطي أزواجه مائة وسق، ثمانون وسقًا تمرًا، وعشرون وسقًا شعيرًا، فقسم عمر - رضي اللَّه عنه - خيبر، فخيّر أزواج النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يَقطع لهنّ من الأرض والماء، أو يُمضي لهنّ الأوسق، فمنهنّ مقلًا اختار الأرض، ومنهنّ من اختار الأوسق، فكانت عائشة - رضي اللَّه عنها - اختارت الأرض.
ومثل هذا لا يجوز أن ينسخ؛ لأن النسخ إنما يكون في حياة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فأما شيء عمل به إلى أن مات، ثم عمل به خلفاؤه بعده، وأجمعت الصحابة - رضي اللَّه عنهم -، وعملوا به، ولم يُخالف فيه منهم أحد، فكيف يجوز نسخه، ومتى كان نسخه؟، فإن كان نُسخ في حياة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فكيف عُمل به بعد نسخه؟، وكيف خَفِي نسخه؟، فلم يبلغ خلفاءه، مع اشتهار قصّة خيبر، وعَملهم فيها؟ فأين كان رواي النسخ حتى لم يذكروه، ولم يخبرهم به؟.
فأما ما احتجّ به المانعون، فالجواب عن حديث رافع بن خديج - رضي اللَّه عنه - من أربعة أوجه:
[أحدها]: أنه قد فُسّر المنهي عنه في حديثه بما لا يُختَلَفُ في فساده، فإنه قال: كنّا أكثر الأنصار حَقْلًا، فكنّا نكري الأرض على أن لنا هذه، ولهم هذه، فربّما أخرجت هذه، ولم تُخرج هذه، فنهانا عن ذلك، فأما بالذهب والورق، فلم ينهنا. متّفقٌ عليه. وفي لفظ: فأما بشيء معلوم، مضمون، فلا بأس. وهذا خارجٌ عن محلّ الخلاف، فلا دليل فيه عليه، ولا تعارض بين الحديثين.
[الثاني]: أن خبره ورد في الكراء بثلث، أو ربع، والنزاع في المزارعة، ولم يدلّ