"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".
...
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: إنما ترجم المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بصيغة الاستفهام، ولم يبين جوابه؟ لكون المسألة مختلفًا فيها بين العلماء، فالجمهور يوجبون عليه الهدي، والشافعيّ يستحبّها، كما قال القرطبيّ، وحجة الجمهور حديث عقبة بن عامر - رضي اللَّه عنه - في قصّة أخته، المتقدّمة، ففيها: "مرها فلتركب، ولتختمر، ولتهد هديًا"، وفي رواية: "بدنةً"، قال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: وزيادة الهدي رواها عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مع عقبة بن عامر ابنُ عبّاس - رضي اللَّه عنهم -، ورواها عنهما الثقات، فلا سبيل إلى ردّها, وليس سكوت من سكت عنها حجة على من نطق بها، وقد عمل بها الجماهير من السلف وغيرهم. انتهى" (?).
لكن ظاهر صنيع المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- يرجح عدم الوجوب، حيث إنه أورد حديث أنس - رضي اللَّه عنه - في الرجل الذي أمره النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يركب، ولم يأمره بالهدي، والذي قاله الجمهور أظهر؛ لحديث أخت عقبة - رضي اللَّه عنهما -، فالسكوت في هذا الحديث لا ينفي ثبوته في غيره. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
3879 - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ, عَنْ حُمَيْدٍ, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم - رَجُلاً يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ, فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» , قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ. قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ, مُرْهُ فَلْيَرْكَبْ»).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (إسحاق بن إبراهيم) المعروف بابن راهويه الحنظليّ المروزيّ، ثقة ثبت [10] 2/ 2.
2 - (حمّاد بن مسعدة) التميميّ، أبو سعيد البصريّن ثقة [9] 97/ 1040.