قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم في "كتاب الزكاة" -60/ 2542 - "باب أيّ الصدقة أفضل؟ ". رواه هناك عن محمود بن غيلان، عن وكيع، عن سفيان الثوريّ، عن عمارة، وقد استوفيت شرحه، وبيان مسائله هناك، وللَّه الحمد والمنّة.
ومحلّ استدلال المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- منه على ما ترجم له هنا قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ولا تُمهل الخ".
ورجال إسناده رجال الصحيح، غير شيخه: "أحمد بن حرب" الطائيّ الموصليّ، فإنه من أفراده، وهو صدوق [10] 102/ 135.
و"عمارة": هو ابن القعقاع. و"أبو زرعة": هو البجليّ.
وقوله: "أن تصدّق" -بفتح التاء المثنّاة، وأصله "تتصدّق"، فحذفت منه إحدى التاءين، تخفيفًا، ثم هو في تأويل المصدر خبر لمبتدإٍ مقدّر، هي تصدّقك الخ. وقوله: "شحيح" أي من شأنه الشحّ؛ للحاجة إلى المال. وقوله: "تخشى الفقر": أي بسبب إنفاق المال. وقوله: "وتأمُل البقاء" بضمّ الميم، أي ترجوه. وقوله: "ولا تمهل" نهي من الإمهال، وهو التأخير. وقوله. "حتى إذا بلغت الحلقوم" أي إذا بلغت الروح الحلق، وهو كناية عن الاحتضار. وقوله. "وقد كان لفلان" أي وقد صار المال للوارث، أي قارب أن يصير له، إن لم توص به، فليس بالتصدّق به كثير فضل. وقد تقدّم شرح الحديث مستوفًى في الباب المذكور، فراجعه، تستفد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
3639 - (أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ, عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ, عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟» , قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ, مَا مِنَّا مِنْ أَحَدٍ, إِلاَّ مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ وَارِثِهِ, قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ, إِلاَّ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ, مَالُكَ مَا قَدَّمْتَ, وَمَالُ وَارِثِكَ مَا أَخَّرْتَ»).
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (هنّاد بن السريّ) بن مصعب التميمي، أبو السريّ الكوفي، ثقة [10] 23/ 25.
2 - (أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير الكوفيّ، ثقة، أحفظ الناس لحديث الأعمش، وقد يهم في حديث غيره، من كبار [9] 26/ 30.
3 - (الأعمش) سليمان بن مهران لأسدي الكاهلي مولاهم، أبو محمد الكوفي، ثقة حافظ عارف بالقراءة، ورع، لكنه يدلس [5] 17/ 18.