التّيِّهان أن امرأته قالت للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لَمَّا جاءهم يَسأل عن أبي الهيثم: "ذهب يستعذب لنا من الماء". رواه مسلم.
وذكر الواقديّ من حديث سلمى امرأة أبي رافع: كان أبو أيوب حين نزل عنده النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يستعذب له الماء من بئر مالك بن النضر، والد أنس، ثم كان أنس، وهند، وحارثة أبناء أسماء يحملون الماء إلى بيوت نسائه من بيوت السقيا، وكان رباح الأسود عبده يستقي له من بئر عرس مرّة، ومن بيوت السقيا مرّة.
قال ابن بطّال -رحمه اللَّه تعالى-: استعذاب الماء لا ينافي الزهد، ولا يدخل في الترفّه المذموم، بخلاف تطييب الماء بالمسك ونحوه، فقد كرهه مالكٌ؛ لما فيه من السرف، وأما شرب الماء الحلو، وطلبه فمباحٌ، فقد فعله الصالحون، وليس في شرب الماء الملح فضيلة. قال: وفيه دلالة على أن استطابة الاطعمة جائزة، وأن ذلك من دعل أهل الخير، وقد ثبت أن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّه لَكُمْ} الآية [المائدة: 87] نزل في الذين أرادوا الامتناع من لذائذ المطاعم. قال: ولو كانت مما لا يريد اللَّه تناوله ما امتنّ بها على عباده، بل نهيه عن تحريمها يدلّ على أنه أراد منهم تناولها ليقابلوا نعمته بها عليهم بالشكر لها، وإن كانت نعمه لا يكافئها شكرهم. ذكره
في "الفتح" (?).
وقوله: "من صُلب مالي" أي من أصل مالي، ورأسه، لا مما أثمره المال من الربح والزيادة، وأصل المال عند التجّار أعزّ شيء عليهم، ومع ذلك آثر عثمان رضي اللَّه تعالى عنه الآخرة على الدنيا، فاشترى البئر من رأس ماله.
وقوله: "من ماء البحر"، أي ماء البئر الذي في البيت، وهي مالحة، كماء البحر المالح.
وقوله: "على ثبير الخ" -بفتح المثلّثة، وكسر الموحّدة-: جبل بين مكة، ومنّى، ويُرى من منى، وهو على يمين الداخل منها إلى مكة. قاله الفيّوميّ.
هذا في هذه الرواية أن الجبل هو ثبير، والمشهور في الرويات أن الجبل هو "أحد"،
و"أحد" هو الجبل المعروف بالمدينة، فقد أخرج البخاريّ من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، أن أنس بن مالك - رضي اللَّه عنه -، حدثهم أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، صَعِدَ أحدا، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، فرَجَفَ بهم، فقال: "اثبُت أحدُ، فإنما عليك نبي، وصديق، وشهيدان".