قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الإحْبَاسُ" -بكسر الهمزة- مصدر أحبسه: إذا وقفه، ويحتمل أن يكون بفتح الهمزة جمع حُبْس -بضمّ، فسكون- اسم من الإحباس، كما سيأتي في عبارة "اللسان".
قال الفيّوميّ: حَبَستُهُ، من باب ضرب بمعنى وَقَفْتُهُ، فهو حبيسٌ، والجمع حُبُسٌ، مثلُ بريدٍ وبُرُدٍ، وإسكان الثاني للتخفيف لغةٌ، ويُستعمل الحبيس في كلّ موقوف، واحدًا كان، أو جماعة، وحَبّسته بالتثقيل مبالغة، وأحبسته بالألف مثله، فهو محبوسٌ، ومُحَبَّسٌ، ومُحْبَسٌ. انتهى بزيادة يسيرة.
وقال في "اللسان": حَبَسْتُ أحْبسُ حَبْسًا - من باب ضرب- وأَحبستُ أُحبِسُ إِحْباسّا: أي وقفتُ، والاسم الْحُبْسُ بالضمّ. قال الأزهريّ: الْحُبُسُ -بضمتين- جمع الحَبِيسِ، يقع على كلّ شيء وقفه صاحبه وقفَا مُحرَّمًا، لا يورث، ولا يُباع، من أرض، ونخل، وكَرْم، ومُسْتَغَلّ، يُحبَس أصله وقفًا مؤبّدًا، وتُسْبَلُ ثمرته تقرّبًا إلى اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، كما قال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لعمر - رضي اللَّه عنه - في نخل له، أراد أن يتقرّب بصدقته إلى اللَّه -عَزَّ
وَجَلَّ-، فقال له: "حَبِّسِ الأصلَ، وسَبِّلِ الثمرة": أي اجعله وقفَاحُبُسَا. ومعنى تحبيسه
أن لا يورث، ولا يُباع، ولا يوهب، ولكن يُترك أصله، وُيجعل ثمره في سُبُل الخير.
وأما ما رُوي عن شُرَيح أنه قال: جاء محمد - صلى اللَّه عليه وسلم - بإطلاق الحُبُس، فإنما أراد بها الحُبُس جمع حَبِيسٍ، وهو بضّم الباء، وأراد بها ما كان أهل الجاهليّة يَحبِسونه من السوائب، والبحائر، والحوامي، وما أشبهها، فنزل القرآن بإحلال ما كانوا يُحرّمون منها، وإطلاق ما حبّسوا بغير أمر اللَّه تعالى منها. انتهى (?).
[تنبيه]: ذكر في "الكبرى" هنا ترجمة، ونصها: "حَبْسُ ما ترك رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عند وفاته". واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
3621 - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ, قَالَ: "مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - دِينَارًا, وَلاَ دِرْهَمًا, وَلاَ عَبْدًا, وَلاَ أَمَةً, إِلاَّ بَغْلَتَهُ الشَّهْبَاءَ, الَّتِي كَانَ يَرْكَبُهَا, وَسِلاَحَهُ, وَأَرْضًا جَعَلَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ". وَقَالَ قُتَيْبَةُ مَرَّةً أُخْرَى: "صَدَقَةً").