"سابق رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أعرابيّ".
وهذا هو محلّ الترجمة، لكن هذا، وإن كان فيه جواز المسابقة، فليس فيه جواز السبَق، أي الْجُعْلِ، إذ غاية ما دلّ عليه أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أقرّ الأعرابيّ في مسابقته له، وليس بينهما عقد دفع السبَق، ففي إدخال المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- لهذا الحديث لي هذا الباب نظرٌ لا يخفى، إذ هو دليلٌ على جواز المسابقة، لا على جواز السَّبَق، فتأمّل.
(فَشَقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) وفي رواية البخاريّ: "فشقّ ذلك على المسلمين، حتى عرفه". أي حتى عرف النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أثر المشقّة ظهر على وجوههم (فلمَّا رَأَى مَا فِي وُجُوهِهِمْ) أي من أثر مشقّة سبقه لها (قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ) هكذا في رواية المصنّف "قالوا" بدون عاطف، وعليه فيكون جواب "لما" مرتّبًا على محذوف، تقديره، "وسألهم عن سببه"، أي فلما رأى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - ما في وجوههم، وسألهم عن سببه قالوا: يا رسول اللَّه الخ. وفي رواية للبخاري في "الرقاق": "وقالوا" بواو العطف، وعليه فيكون معطوفا على جملة "فلما رأى الخ"، ويكون جوب "لما" قوله: "إن حقًّا الخ". وفي رواية شعبة الآتية بعد باب: "فكأن أصحاب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - وجدوا في أنفسهم من ذلك، فقيل له في ذلك، فقال: حقّ ... " (سُبِقتِ الْعَضْبَاءُ) ببناء الفعل للمفعول (قَالَ) (إِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ) قال السنديّ: في إعرابه إشكالٌ عند الناس من حيث إنه يلزم أن يكون اسم "إنّ" نكرةً، وخبرها "أَنْ" مع الفعل، وهو في حكم المعرفة، بل من أتمّ العارف، حتى يُجعَلُ مسندًا إليه، مع كون الخبر معرفة، نحو قوله تعالى: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا} الآية بنصب {قَوْلَهُمْ} على الخبريّة، ورفعِ {أَنْ قَالُوا} محلًّا، على أنه اسم "كان".
وقد أجيب بالقلب، ولا يخفى بعده، ولعلّ الأقرب من ذلك أن يُجعل "على اللَّه خبرًا، و"حقًّا" حالًا من ضميره، فليُتأمّل انتهى (?)
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الكلام ناقصٌ، والظاهر أن فيه سقطًا، والأصل ولعل الأقرب أن يُجعَلَ "أن لا يترفع" اسم "إن" و"على اللَّه" خبرًا، و"حقًّا" حال من ضميره. ويحتمل أن يكون من باب الابتداء بالنكرة الموصوفة، على حدّ قول ابن مالك -رحمه اللَّه تعالى- في "الخلاصة":
وَرَجُلٌ مِن الْكِرَامِ عِنْدَنَا
فقوله: "حقّا" اسم "إنّ" و"على اللَّه" جار ومجرور متعلّق بصفة لـ"حقًا"، وقوله: