لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله عندهم رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه من رجال الأربعة إلا أبا داود. (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين إلى أبي زرعة، فإنه، والصحابيّ كوفيان. (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ: يونس، عن عمرو، وهو من رواية الأقران؛ لأن كلا من يونس وعمرو بن سعيد من الطبقة الخامسة، ورواية الراوي، عن جدّه: أبي زرعة، عن جرير - رضي اللَّه عنه -. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ جَرِيرٍ) بن عبد اللَّه - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - يَفْتِلُ) -بفتح أوله، وكسر ثالثه- يقال: فتله يفتِله، من باب ضرب: إذا لواه، كفَتَّله- بالتشديد- فهو فَتِيلٌ، ومَفْتُولٌ. أفاده في "القاموس" (نَاصِيَةَ فَرَسٍ) أي شعره المسترسل على جبهتها (بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ) ولفظ مسلم: "قال: رأيت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يَلْوِي ناصية فرسه بإصبعه" (وَيَقُولُ: الْخَيْلُ مَعْقُودٌ) أي مَلْويٌّ، مضفورٌ (فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ) قال الخطّابيّ وغيره: قالوا: كنى بالناصية عن جميع ذات الفرس، يقال: فلانٌ مبارك الناصية، ومبارك الغرّة: أي الذات. انتهى.
وقال السنديّ: "معقود": أي ملازم لها، كأنه معقود فيها، كذا في "المجمع"، والمراد أنها أسباب لحصول الخير لصاحبها، فاعتبر ذاك كأنه عَقْدٌ للخير فيها، ثم لما كان الوجه هو الأشرف، ولا يُتصوّر العقد في الوجه إلا في الناصية اعتبر ذاك عقدًا له في الناصية انتهى. وتقدّم بأتمّ من هذا في الباب الأول من "كتاب الخيل". وقوله (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) متعلّق بـ "معقود". وقوله (الأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ) بالرفع بدلٌ من "الخير"، أو عطف بيان له، أو خبر لمحذوف، أي هو الأجر والغنيمة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث.
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث جرير بن عبد اللَّه - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-7/ 3599 - وفي "الكبرى" 8/ 4414. وأخرجه (م) في "الامارة" 1872 (أحمد) في "مسند الكوفيين" 18714. واللَّه تعالى أعلم.