والذي في "صحيح مسلم" عن محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر، عن شعبة في هذا الحديث: "فقال عبد الرحمن: وكان زوجها حرًّا، قال شعبة: ثم سألته عن زوجها؟ فقال: لا أدري" انتهى.
والظاهر أن عبد الرحمن كان متردّدًا، فمرّة يقول حرّ، ومرّة يقول: عبدٌ، ومرّة يقول: لا أدري، وقد تقدّم أن المحفوظ أنه كان عبدًا، فتبصّر. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه
أنيب".
...
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الإيلاء": في اللغة هو الحلف، يقال: آلى يولي إيلاءً: أي حلف، ويقال: تألّى تألّيًا، وائتلاءً، وهو في الشرع: الحلف على الامتناع من وطء الزوجة بيمين يلزم بها حكمٌ أكثر من أربعة أشهر بمدّة مؤثّرة. قاله القرطبيّ (?).
وقال ابن قُدامة: الإيلاء في اللغة: الحَلِف، يقال: آلى يولي إيلاءً، وأَلِيّةً، وجمع الأَلِيّة ألايا، بالتخفيف، مثلُ عطيّة وعَطَايا، قال الشاعر [من الطويل]:
قَلِيلُ الألَايَا حَافِظٌ لِيَمِينِهِ ... إِذَا صَدَرَتْ مِنْهُ الأَلِيّةُ بَرَّتِ
فجمع بين المفرد والجمع. ويقال: تَأَلَّى يَتَأَلَّى. فأما الإيلاء في الشرع، فهو الحلف على ترك وطء المرأة. والأصل فيه قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] وكان أبيّ بن كعب، وابن عبّاس - رضي اللَّه عنهم - يقرآن: "يُقْسِمُونَ" انتهى ببعض اختصار (?).
وأخرج الطبريّ عن أبيّ بن كعب - رضي اللَّه عنه - أنه قرأ "الذين يولون من نسائهم" قال الفرّاء: التقدير على نسائهم، و"من" بمعنى "على". وقال غيره: بل فيه حذفٌ، تقديره: يُقسمون على الامتناع من نسائهم. قاله في "الفتح" (?).