رَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قَالَ) أي أبو هريرة - رضي اللَّه عنه - (قَالَ) أي رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - (انْظُرُوا كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي) وفي رواية البخاريّ من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد: "ألا تعجبون، كيف يصرف اللَّه عنّي ... وفي رواية البخاريّ في "التاريخ" من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه: "يا عباد اللَّه انظروا ... ". وله من طريق محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة بلفظ: "أَلَمْ تروا كيف ... " والباقي سواء (شَتْمَ قُرَيْشِ، وَلَعْنَهُمْ) المراد به كُفَّارهم، حيث يصفونه بذلك، فكانت العوراء، زوجة أبي لهب لعنهم اللَّه تعالى جميعًا تقول:
مُذَمَّمًا قَلَيْنَا وَدِينَهُ ... أَبَيْنَا وَأَمْرَهُ عَصَيْنَا
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قلت أنا ردًّا على كلامها البذيّ الوقِح:
مُحَمَّدًا أَحْبَبْنَا وَدِينَهُ ... أَعْلَيْنَا وأَمْرَهُ أَمْضَيْنَا
(إِنَّهُمْ يَشْتِمُونَ مُدَمَّمَا) بدل محمد (وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمَا) قال في "الفتح": كان الكفّار من قريش من شدّة كراهتهم في النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، لا يسمّونه باسمه الدّالّ على المدح، فيَعدِلون إلى ضدّه، فيقولون: مُذَمَّم، وإذا ذكرهوه بسوء قالوا: فعل اللَّه بمذمّم، ومذمّم ليس هو اسمه، ولا يُعرف به، فكان الذي يقع منهم في ذلك مصروفًا إلى غيره انتهى (?) (وَأَنَا مُحَمَّد) - صلى اللَّه عليه وسلم - أي أنا محمد اسمًا ووصفًا، فلا يمكن اسم المذَمَّم لي، ولا إطلاقه عليّ، وإرادتي به بوجه من الوجوه، فلا يعود الشتم واللعن إليّ أصلاً، بل رجع إليهم؛ لأنهم يصدُقُ عليهم مسمّى هذا الاسم وصفًا. وظهر بهذا أن اللفظ إذا قُصد به معنىً، لا يحتمله، لا يَثبت له الحكم المسوق له الكلام، وهذا هو غرض المصنّف بترجمته، واستدلاله عليها بهذا الحديث واضح، لا لبس فيه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-25/ 3465 - وفي "الكبرى" 26/ 5631. وأخرجه (خ) في "المناقب" 3533 (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" 7287 و 8607. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده: