شراحيل، ومعها دايَتُها (?)، حاضنة لها، فلما دخل عليها النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "هبي نفسك لي"، قالت: وهل تهب الملِكَة نفسها للسُّوقة (?)، قال، فأهوى بيده (?)، يضع يده عليها؛ لتسكن، فقالت: أعوذ باللَّه منك، فقال: "قد عُذتِ بمعاذ"، ثم خرج علينا، فقال: "يا أبا أسيد، اكسُهَا رازِقيَّتَينِ (?)، وألحقها بأهلها".
قال في "الفتح": قوله: "فأنزلت في بيت الخ" هو بالتنوين و"أُميمة" بالرفع إما بدلاً عن الجونيّة، وإما عطف بيان.
قال ابن المنيّر: قولها: "وهل تهب الملكة الخ" هذا من بقيّة ما كان فيها من الجاهليّة، والسُّوقة عندهم من ليس ملكًا كائنًا من كان، فكأنها استبعدت أن يتزوّج الملكة من ليس بملك، وكان - صلى اللَّه عليه وسلم - قد خُيّر أن يكون ملكًا نبيًّا، فاختار أن يكون عبدًا نبيًّا تواضعًا منه - صلى اللَّه عليه وسلم - لربّه. ولم يؤاخذها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بكلامها معذرة لها لقرب عهدها بجاهليّتها. وقال غيره: يحتمل أنها لم تعرفه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فخاطبته بذلك. قال الحافظ: وسياق القصّة من مجموع طرقها يأبى هذا الاحتمال. نعم سيأتي في أواخر الأشربة من طريق أبي حازم، عن سهل بن سعد - رضي اللَّه عنه -، قال: ذَكَر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - امرأةً من العرب، فأمر أبا أُسيد الساعديّ أن يُرسل إليها، فقدمت، فنزلت في أُجُم بني ساعدة، فخرج النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - حتى جاء بها، فدخل عليها، فإذا امرأة منَكّسة رأسها، فلما كلّمها قالت: أعوذ باللَّه منك، قال: "لقد أعذتك منّي"، فقالوا لها: أتدرين من هذا؟ هذا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - جاء ليخطبك، قالت: كنت أشقى من ذلك. فإن كانت القصّة واحدةً، فلا يكون قوله في حديث الباب: "ألحقها بأهلها"، ولا قوله في حديث عائشة: "الحقي بأهلك" تطليقًا لها، ويتعيّن أنها لم تعرفه. وإن كانت القصّة متعدّدة، ولا مانع من ذلك، فلعلّ هذه