والثاني من التحليل، وهما بمعنى واحد؛ ولذا روي "الْمُحِلُّ والْمُحَلُّ له، بلام واحدة مشددة، و"الْمُحَلِّلُ والمُحَلَّل له" بلامين، أولاهما مشدّدةٌ، ثم المُحَلَّلُ من تزوّج مطلّقة الغير ثلاثًا؛ لتحلّ له، والمُحلَّلُ له هو المطلِّقُ، والجمهور على أن النكاح بنية التحليل باطلٌ؛ لأن اللعن يقتضي النهي، والحرمةُ في باب النكاح تقتضي عدم الصحّة. وأجاب من يقول بصحّته أن اللعن قد يكون لخسّة الفعل، فلعلّ اللعن لأنه هَتْكُ مروءةٍ، وقلّة حَمِيّةٍ، وخِسّة نفس، أما بالنسبة إلى المحلَّل له فظاهرٌ، وأما المحلِّلُ فإنه كالتيس يُعير نفسه بالوطء لغرض الغير، وتسميته مُحلّلاً يؤيّد القول بصحّته، ومن لا يقول بها يقول: إنه قصد التحليل، وإن كانت لا تحلّ انتهى كلام السنديّ (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما ذهب إليه الجمهور من البطلان هو الحقّ، وسيأتي تمام البحث في ذلك في المسألة الرابعة، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-13/ 3444 وفي "الكبرى" 14/ 5609. وأخرجه (ت) ف 112 (أحمد) في "مسند المكثرين" 4272. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان تغليظ الوعيد على من قصد بنكاح امرأة تحليلها لغيره، وهو يدلّ على تحريم ذلك، وبطلان النكاح، كما سيأتي تحقيقه في المسألة التالية، إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها): تحريم الْوَشْم، وهو غرزُ الإبرة، أو نحوها في العضو حتى يَسيل الدم، ثم يُحشَى بنورة، أو غيرها، فيخضرّ، وهو حرام على الفاعلة، والمفعول بها إذا كانت راضية، وسيأتي تحقيق ذلك في محلّه من "كتاب الزينة"، إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها): تحريم وصل الشعر بغيره، والجمهور على تحريمه، سواء كان بشعر، أو بشيء آخر، وسيأتي تحقيقه في الكتاب المذكور، إن شاء