وأما الطلاق البدعيّ، فهو أن يطلق حائضًا، أو في طهر أصابها فيه، فإذا فعل ذلك أثم، ووقع الطلاق في قول عامة أهل العلم، قال ابن المنذر، وابن عبد البرّ: لم يخالف في ذلك إلا أهل البدع والضلال. وحكاه أبو نصر عن ابن عليّة، وهشام بن الحكم، والشيعة، قالوا: لا يقع طلاقه؛ لأن اللَّه تعالى أمر به في قُبُل العدّة، فإذا طلّق في غيره لم يقع، كالوكيل إذا أوقعه في زمن أمرَهُ موكّلُهُ بإيقاعه في غيره. ولنا حديث ابن عمر أنه طلّق امرأته، وهي حائض، فأمره النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يراجعها. وفي رواية الدارقطنيّ، قال: فقلت: يا رسول اللَّه، أفرأيت لو أني طلّقتها ثلاثًا، أكان يحلّ لي أن أراجعها؟ قال: لا، كانت تبيّن منك، وتكون معصية" (?) وقال نافعٌ: وكان عبد اللَّه طلّقها تطليقة، فحُسبت من طلاقه، وراجعها كما أمره رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -. ومن رواية يونس بن جُبير، عن ابن عمر، قال: قلت لابن عمر: أفتُعتدّ عليه، أو تُحتسب عليه؟ قال: نعم، أرأيت إن عجز، واستحمق، وكلّها أحاديث صحاح، ولأنه طلاقٌ من مكلّف في محلّ الطلاق، فوقع، كطلاق الحامل، ولأنه ليس بقربة، فيعتبر لوقوعه موافقة السنّة، بل هو إزالة عصمة، وقطع ملك، فإيقاعه في زمن البدعة أولى، تغليظًا عليه، وعقوبة له، أما غير الزوج، فلا يملك الطلاق، والزوج يملكه بملكه محلّه. انتهى كلام ابن قدامة -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- ببعض تصرّف (?) وهو تحقيق نفيس. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
3423 - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى, عَنْ سُفْيَانَ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: "طَلاَقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا, فِي غَيْرِ جِمَاعٍ").