لعائشة، ولهذا وهبت يومها لها، فإن كان ذلك قبل الهبة، فلا اعتراض بدخوله عليها، وإن كان بعدها فلا يمتنع هبتها يومها لعائشة أن يتردّد إلى سودة.

قال الحافظ: لا حاجة إلى الاعتذار عن ذلك، فإن ذكر سودة إنما جاء في قصّة شرب العسل عند حفصة، ولا تثنية فيه، ولا نزول الآية، على ما تقدّم من الجمع الذي ذكره، وأما قصّة العسل عند زينب بنت جحش، فقد صرّح فيه بأن عائشة قالت: "توطأت أنا وحفصة"، فهو مطابقٌ لما جزم به عمر - رضي اللَّه عنه - من أن المتظاهرتين عائشة وحفصةُ، وموافق لظاهر الآية. واللَّه أعلم.

قال: ووجدت لقصّة شرب العسل عند حفصة شاهدًا في "تفسير ابن مردويه" من طريق يزيد بن رُومان، عن ابن عباس، ورواته لا بأس بهم، ووقع في "تفسير السدّيّ" أن شرب العسل كان عند أم سلمة، أخرجه الطبريّ، وغيره، وهو مرجوحٌ، لإرساله، وشذوذه. انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- (?).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا تحريرٌ حسنٌ جدًّا، وحاصله أن طريق الجمع يحمل الروايات على تعدد الواقعة، أولى، فإن سُلك مسلك الترجيح، فرواية عبيد بن عمير التي ساقها المصنّف، وفيها أن شرب العسل كان عند زينب بنت جحش، وأن المتظاهرتين هما عائشة وحفصة، أرجح؛ لموافقة حديث ابن عباس، عن عمر - رضي اللَّه عنه -. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

3410 - (أَخْبَرَنِي (?) إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ, حَرَمِيٌّ, هُوَ لَقَبُهُ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَنَسٍ, أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ يَطَؤُهَا, فَلَمْ تَزَلْ بِهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ, حَتَّى حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ, فَأَنْزَلَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} , إِلَى آخِرِ الآيَةِ [التحريم: 1]).

رجال هذا الإسناد: ستة:

1 - (إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ) البغدادي، نزيل طرسوس، صدوق [11] 54/ 1753، من أفراد المصنف.

[تنبيه]: قوله: "حَرَميّ هو لقبه" سقط من بعض النسخ، ومعناه أن لقب إبراهيم بن

يونس حَرَميّ -بمهملتين مفتوحتين- بلفظ النسبة إلى الحَرَم. واللَّه تعالى أعلم.

2 - (أبوه) يونس بن محمد بن مسلم البغداديّ، أبو محمد المؤدب، ثقة ثبت، من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015