هشام: "فتواطيت" بالطاء، من التواطىء، وأصله "تواطأت" بالهمزة، فسَهّلت، فصارت ياء (أَنَّ أَيَّتَنَا) -بفتح الهمزة، وتشديد الياء- هي أيٌّ دخلت عليها تاء التأنيث، وأضيفت إلى ضمير المتكلّم. وفي رواية: "أيَّتناما"، و"ما" زائدة (دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟) وفي رواية هشام بتقديم "أكلت مغافير"، وتأخير "إني لأجد"، و"أكلت" استفهام بتقدير أداة الاستفهام.
و"المغافير" -بالغين المعجمة، والفاء، وبإثبات التحتانيّة، بعد الفاء، وكذا هو في جميع نسخ البخاريّ، ووقع في بعض النسخ عند مسلم في بعض المواضع من الحديث بحذفها، قال عياضٌ: والصواب إثباتها؛ لأنها عِوَضٌ من الواو التي في المفرد، وإنما حُذفت في ضرورة الشعر انتهى.
ومراده بالمفرد أن المغافير جمع مُغفُور -بضمّ أوله- ويقال: بثاء مثلّثة بدل الفاء، حكاه أبو حنيفة الدِّينوريّ في النبات. قال ابن قُتيبة: ليس في الكلام "مُفْعُولٌ" -بضمّ أوله- إلا "مُغفُورٌ"، و"مُغزولٌ" -بالغين المعجمة- من أسماء الكَمْأة، و"مُنْخُورٌ" - بالخاء المعجمة- من أسماء الأنف، و"مُغْلُوقٌ" -بالغين المعجمة- واحد المَغَاليق، قال: وإ المُغْفُور" صمغٌ حُلْوٌ، له رائحة كريهة. وذكر البخاريّ أن المُغفور شبيهٌ بالصمغ يكون في الرِّمْث -بكسر الراء، وسكون الميم، بعدها مثلّثةٌ- وهو من الشجر التي ترعاها الإبل، وهو من الحَمْض (?)، وفي الصمغ المذكور حلاوةٌ، يقال: أغفر الرِّمثُ: إذا ظهر ذلك فيه. وذكر أبو زيد الأنصاريّ أن الْمُغفورَ يكون أيضًا في الْعُشَر -بضمّ المهملة، وفتح المعجمة- وفي الثُّمَام، والسَّلَم، والطَّلْح، واختُلف في ميم مغفور، فقيل: زائدة، وهو قول الفرّاء، وعند الجمهور أنها من أصل الكلمة، ويقال له أيضًا: مِغْفارٌ -بكسر أوّله- ومغفرٌ -بضمّ أوله، وبفتحه، وبكسره- عن الكسائيّ، والفاء مفتوحةٌ في الجميع. وقال عياضٌ: زعم المهلّب أن رائحة المغافير، والْعُرْفُط حسنةٌ، وهو خلاف ما يقتضيه الحديث، وخلاف ما قاله أهل اللغة انتهى. قال الحافظ: ولعلّ المهلّب قال: "خبيثة" -بمعجمة، ثم موحّدة، ثم تحتانيّة، ثم مثلّثة-، فتصحّفت، أو استند إلى ما نُقل عن الخليل، وقد نسبه ابن بطّال إلى "العين" أن الْعُرْفُط شجر العضاه، والعِضَاه كلّ شجر له شوكٌ، وإذا استيك به كانت له رائحة حسنة، تشبه رائحة طيب النبيذ انتهى. وعلى هذا فيكون ريح عيدان العرفُط طيّبًا، وريح الصمغ الذي يسيل منه غير طيبة، ولا منافاة في ذلك، ولا تصحيف. وقد حكى القرطبيّ في "المفهم" أن