الكتاب. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين، غير شيخه، فبغلانيّ (ومنها): أن فيه أنس بن مالك - رضي اللَّه تعالى عنه - من المكثرين السبعة، روى (2286) حديثًا، وهو آخر من مات من الصحابة - رضي اللَّه عنهم - بالبصرة مات سنة (2) أو (93) وقد جاوز مائة سنة. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي زينب بنت جحش - رضي اللَّه تعالى عنها -، وفي رواية لمسلم من طريق معمر، عن عبد الرزّاق: "لما تزوّج النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - زينب أهدت له أم سَليم حيسًا ... " الحديث، وكان زواجها سنة ثلاث، وقيل: سنة خمس، وكانت قبله عند زيد بن حارثة، وهي التي نزل فيها: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} الآية [الأحزاب: 37]، وكانت أول من مات من نساء النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - (فَدَخَلَ بِأَهْلِهِ، قَالَ: وَصَنَعَتْ أُمِّي أُمُّ سُلَيْم) بنت مِلْحان - رضي اللَّه تعالى - عنها، يقال: اسمها سهلة، وقيل: غير ذلك (حَيْسًا) بفتح الحاء المهملة، وسكون التحتانيّة: تمرٌ يُنزع نواه، ويدق مع أقط، وُيعجنان بالسمن، ثم يُدلك باليد حتى يبقى كالثريد، وربّما جُعل معه سويقٌ، وهو مصدرٌ في الأصل، يقال: حاس الرجل حَيْسًا، من باب باع: إذا اتّخذ ذلك. قاله الفيّوميّ. وقد تقدّم البحث عنه بأتمّ من هذا.
[تنبيه]: قد استشكل القاضي عياض ما وقع في هذا الحديث من أن الوليمة بزينب بنت جحش كانت من الحيس الذي أهدته أم سُليم، بأن المشهور أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أولم عليها بالخبز واللحم، ولم يقع في القصّة تكثير ذلك الطعام، وإنما فيه: "أشبع المسلمين خبرًا ولحمًا"، وذكر في حديث الباب أن أنسًا قال: "فقال لي: ادع رجالًا، سمّاهم، وادع من لقيت، وأنه أدخلهم، ووضع - صلى اللَّه عليه وسلم - يده على تلك الحيسة، وتكلّم بما شاء اللَّه، ثم جعل يدعو عشرة عشرة، حتى تصدّعوا كلهم عنها"، يعني تفرّقوا. قال عياضٌ: هذا وَهَمٌ من راويه، وتركيب قصّة على أخرى.
وتعقّبه القرطبيّ بأنه لا مانع من الجمع بين الروايتين، والأولى أن يقال: لا وهَمَ في ذلك، فلعلّ الذين دُعوا إلى الخبز واللحم، فأكلوا حتى شبعوا، وذهبوا، ولم يرجعوا، ولمّا بقي النفر الذين يتحدَّثون جاء أنس بالحيسة، فأُمر بأن يدعو ناسًا آخرين، ومن لقي، فدخلوا، فأكلوا أيضًا حتى شبعوا، واستمرّ أولئك النفر يتحدّثون.
قال الحافظ: وهو جمعٌ لا بأس به. وأولى منه أن يقال: إن حضور الحيسة صادف حضور الخبز واللحم، فأكلوا كلهم من كلّ ذلك.
وعجبتُ من إنكار عياض وقوع تكثير الطعام في قصّة الخبز واللحم، مع أن أنسًا