لأنّ الأفضل أن يكون له فراش يختصّ به، ولامرأته فراشٌ، فقد كان - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له إلا فراشٌ واحد في بيت عائشة، وكان فراشها ينامان عليه في الليل، ويجلسان عليه بالنهار. وأما فراش الضيف، فيتعيّن للمضيف إعداده له؛ لأنه من باب إكرامه، والقيام بحقّه؛ ولأنه لا يتأتّى له شرعًا الاضطجاع، ولا النوم مع المضيف، وأهله على فراش واحدٍ.

ومقصود هذا الحديث أن الرجل إذا أراد أن يتوسّع في الفرش، فغايته ثلاثٌ، والرابع لا يحتاج إليه، فهو من باب السَّرَف. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه الله تعالى- ببعض تَصَرُّف (?).

وقال النوويّ: قال العلماء: معناه أن ما زاد على الحاجة، فاتخاذه إنما للمباهاة، والاختيال، والالتهاء بزينة الدنيا، وما كان بهذه الصفة فهو مذمومٌ، وكلّ مذموم يُضاف إلى الشيطان؛ لأنه يرتضيه، ويوسوس به، وُيحسّنه، ويُساعد عليه. وقيل: إنه على ظاهره، وأنه إذا كان لغير حاجة كان للشيطان عليه مَبِيتٌ، ومَقِيلٌ، كما أنه يحصل له المبيت بالبيت الذي لا يَذكُر الله تعالى صاحبه عند دخوله عِشَاءً.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا القول الثاني هو الأرجح عندي؛ لأنه إذا أمكن حمل النصّ على ظاهره، فهو الأولى، ولا حاجة إلى العدول عنه، على أنه لا تنافي بين المعنيين؛ لأن الشيطان كما أنه يبيت عليه، فهو الذي حمله على اتخاذه. والله تعالى أعلم.

قال: وأما تعديد الفراش للزوج والزوجة، فلا بأس به؛ لأنه قد يحتاج كلّ واحد منهما إلى فراش عند المرض، ونحوه، وغير ذلك.

واستدلّ بعضهم بهذا على أنه لا يلزمه النوم مع امرأته، وأن له الانفراد عنها بفراش. والاستدلال به في هذا ضعيف؛ لأن المراد بهذا وقت الحاجة كالمرض، وغيره كما ذكرنا، وإن كان النوم مع الزوجة ليس واجبًا، لكنه بدليل آخر، والصواب في النوم مع الزوجة أنه لم يكن لواحد منهما عذرٌ في الانفراد، فاجتماعهما في فراش واحد أفضل، وهو ظاهر فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي واظب عليه مع مواظبته - صلى الله عليه وسلم - على قيام الليل، فينام معها، فإذا أراد القيام لوظيفته قام، وتركها، فيجمع بين وظيفته، وقضاء حقّها المندوب، وعِشْرتها بالمعروف، لا سيّما إن عُرف من حالها حرصها على هذا، ثم إنه لا يلزم من النوم معها الجماع. والله أعلم انتهى كلام النوويّ رحمه الله تعالى (?). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015