الآتية-23/ 3247 - من طريق عليّ بن هاشم بن الْبَرِيد، عن يزيد بن كيسان: "ألا نظرت إليها؟ " ("قَالَ: لَا، فَأَمَرَهُ) قال أبو العبّاس القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: هذا الأمر على جهة الإرشاد إلى المصلحة، فإنه إذا نظر إليها -أعني المخطوبة- فلعلّه يرى منها ما يُرغّبه في نكاحها. وقد نبّه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -على هذا بقوله فيما ذكره أبو داود من حديث جابر - رضي اللَّه عنه -، إذ قال: "إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل" (?). ولا يقال مثلُ هذا في الواجب، وقاعدة النكاح- وإن كان معاوضةً- مفارقةٌ لقاعدة البيوع، من حيث إنها مبنيّةٌ على المكارمة، والمواصلة، وإظهار الرغبات، والعمل على مكارم الأخلاق، بحيث يجوز فيها النكاح من غير ذكر صداق، وتجوز فيها ضروبٌ من الجهالات والأحكامِ، لا يجوز شيء منها في البيوع، والمعاملات المبنيّة على المشاحّة، والمغابنة. ومن هنا جاز عقد النكاح على امرأة لا يُعرف حالها من جمال، وشباب، وحسن خُلُقٍ، وتمام خَلْقٍ، وهذه وإن كانت مجهولةً حالة العقد، لم يضرّ الجهل بها؛ إذ لم يلتفت الشرع إليه في هذا الباب، فالأمر بالنظر إلى المخطوبة أحرى بأن لا يكون واجبًا، فلم يبقَ إلا أن يحمل ذلك الأمر على ما تقدّم، وبهذا قال جمهور الفقهاء: مالكٌ، والشافعيّ، والكوفيّون، وغيرهم، وأهل الظاهر، وقد كره ذلك قومٌ، لا مبالاة بقولهم للأحايث الصحيحة في هذا الباب انتهى كلام القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- (?).

(أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا) زاد في رواية سفيان المذكورة: "فإن في أعين الأنصار شيئًا".

قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: هكذا الرواية المشهورة: "شيئًا" بالهمز، وهو واحد الأشياء. قيل: المراد صغرٌ. وقيل: زُرْقةٌ. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015