وقال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: هذا في شيئين: أحدهما: تحريم التعرّض لهنّ بريبة، من نظر محرّم، وخلوة، وحديث محرّم، وغير ذلك. والثاني: في برّهنّ، والإحسان إليهنّ، وقضاء حوائجهنّ التي لا يترتّب عليها مفسدة، ولا يُتوصّل بها إلى ريبة، ونحوها انتهى (?).
(وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَخْلُفُ) -بضمّ اللام- من باب قعد: أي يصير يعقبه، وقال السنديّ: يحتمل أنه من خَلَفه: إذا نابه، أو من خَلَفَه: إذا جاء بعده، وهما من حدّ نصر، وذلك لأن الخائن في الأهل كالنائب للأصل، وقد جاء بعده في الأهل انتهى (?) (فِي امْرَأَةِ رَجُل، مِنَ الْمُجَاهِدِينَ، فَيَخُونُهُ فِيهَا، إِلَّا وُقِفَ) بالبناء للمفعول، من الوقوف: أي جُعل الخائن واقفًا (لَهُ) أي للرجل، ولأجل ما فعل من سوء الخلافة للغازي (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وفي الرواية التالية: "قيل: له يوم القيامة: هذا خانك في أهلك، فخذ من حسناته ما شئت" (فَأَخَذَ) ذلك الرجل (مِنْ عَمَلِهِ) أي من عمل الخائن (مَا شَاءَ) أي في مقابلة ما شاء من عمله بالنسبة إلى أهل الغازي (فَمَا ظَنُّكُمْ؟) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: يعني أن المخُون في أهله إذا مُكّن من أخذ حسنات الخائن، لم يُبق منها شيئًا، ويكون مصيره إلى النار، وقد اقْتُصِرَ على مفعولي الظنّ انتهى (?).
وقال النوويّ: معناه: فما تظنّون في رغبة المجاهد في أخذ حسناته، والاستكثار منها في ذلك المقام؟، أي لا يُبقِي منها شيئًا إن أمكنه انتهى (?).
وقال المظهر: أي ما ظنّكم باللَّه مع هذه الخيانة؟، هل تشكّون في هذه المجازاة، أم لا؟. يعني فإذا علمتم صدق ما أقول، فاحذروا من الخيانة في نساء المجاهدين.
وقال التوربشتيّ: أي فما ظنّكم بمن أحلّه اللَّه بهذه المنزلة، وخصّه بهذه الفضيلة، فربّما يكون وراء ذلك من الكرامة (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما قاله التوربشتيّ بعيد عن معنى الحديث، يردّه ما يأتي من قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "تُرَون يَدَعُ له من حسناته شيئًا"، فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.
وقال السنديّ: أي إذا كان حالُ من خانه خيانةً واحدةً، فما حال من زاد على ذلك، وما ظنكم به؟. أو إذا خيّر الغازي فما ظنّكم بحسابه، هل يأخذ الكلّ، أو يترك شيئًا،