وفي "شرح السنديّ": وهو الترس الذي جُعل على ظهره طرَاق، والطّراق بكسر الطاء جلد يقطع على مقدار الترس، فيُلصق على ظهره، شبّه وجوههم بالترس لبسطها، وتدويرها، وبالمطرقة لغلظها، وكثرة لحمها.
(يَلْبَسُونَ الشَّعَرَ، وَيَمْشُونَ فِي الشَّعَرِ") معناه ينتعلون الشعر، كما صُرّح به في رواية أخرى عند مسلم بلفظ: "نعالهم الشعر". وقال القرطبيّ: أي يصنعون من الشعر حبالاً، ويصنعون منه نعالاً، كما يصنعون منه ثيابًا. قال: هذا ظاهره، ويحتمل أن يريد بذلك أن شعورهم كثيفة طويلة، فهي إذا سدلوها كاللباس، وذوائبها لوصولها إلى أرجلهم كالنعال انتهى (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الاحتمال الأخير بعيد من معنى الحديث جدًّا. واللَّه تعالى أعلم.
وهذا الحديث صريح في أن الترك ينتعلون الشعر، ووقع في رواية للبخاريّ من طريق الأعرج عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك، صغار الأعين، حُمْر الوجوه (?)، ذُلْف الأنوف (?)، كأنّ وجوههم الْمَجانّ المطرقة، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا نعالهم الشعر". قال في "الفتح": هذا الحديث ظاهر في أن الذين ينتعلون الشعر غير الترك.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: يُجمع بين الروايتين بأن لبس الشعر، وانتعاله يعمّ الترك وغيرهم، ممن يقاتلهم المسلمون، فلا تعارض بين الروايتين. واللَّه تعالى أعلم. قال: وقد وقع للإسماعيليّ من طريق محمد بن عبّاد، قال: بلغني أن أصحاب بَابَك كانت نعالهم الشعر.