ثم إن قوله: "حتى يقولوا: لا إله إلا اللَّه" إما أن يُحمل على أنه كان قبل شرع الجزية، أو على أن الكلام في العرب، وهم لا يُقبل منهم الجزية، وإلا فالقتال في أهل الكتاب يرتفع بالجزية أيضًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
3092 - (أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ, عَنِ الزُّبَيْدِيِّ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ, وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ, قَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا بَكْرٍ, كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ, وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ, حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ, فَمَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالَهُ, إِلاَّ بِحَقِّهِ, وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ» , قَالَ: أَبُو بَكْرٍ - رضي اللَّه عنه -: وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ, فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ, وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا, كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا, فَوَاللَّهِ مَا هُوَ, إِلاَّ أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-, قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ, وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ).
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (عبيد اللَّه بن عبد اللَّه) بن عتبة بن مسعود الهذلي المدني الفقيه الثقة الثبت [3] 45/ 56.
والباقون تقدموا قبل حديث. والحديث متّفق عليه، وقد تقدّم الكلام عليه في الذي قبله.
وقوله: "لما تُوفّي" بتشديد الفاء مبنيًّا للمفعول، وكذا قوله: "استُخلف".
وقوله: "وكفر" أي عامل معاملة من كفر، بسبب منعه الزكاة، أو لأنهم ارتدّوا بإنكار وجوب الزكاة عليهم. وقيل: إنهم حملوا قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} الآية [التوبة: 103] على الخصوص، بقرينة: {إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}، فرأوا أن ليس لغيره أخذ الزكاة، فلا زكاة بعده.
وقوله: "كيف تقاتل الناس" أي من امتنع من الزكاة من المسلمين.
وقوله: "من فرق" بتشديد الراء، وتخفيفها، أي من قال بوجوب الصلاة، دون الزكاة، أو يفعل الصلاة، ويترك الزكاة.
وقوله: "فإن الزكاة حقّ المال" أشار به إلى دخولها في قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إلا بحقّه"، ولذلك رجع عمر إلى أبي بكر - رضي اللَّه عنه -، وعلم أن فعله موافق للحديث، وأنه قد وُفّق به من اللَّه تعالى.
وقوله: "عناقًا" -بفتح العين المهملة، والنون، كسَحَابٍ-: هي الأنثى من ولد