قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الجهاد" -بكسر الجيم-: أصله لغةً المشقّة، يقال: جَهَدتُ جهادًا: بلغت المشقة. وشرعًا: بذل الجهد في قتال الكفّار، ويُطلق أيضًا على مجاهدة النفس، والشيطان، والفسّاق، فأما مجاهدة النفس، فعلى تعلّم أمور الدين، ثم
على العمل بها، ثم على تعليمها. وأما مجاهدة الشيطان فعلى دفع ما يأتي به من الشبهات، وما يُزيّنه من الشهوات. وأما مجاهدة الكفّار فتقع باليد والمال واللسان والقلب. وأما مجاهدة الفسّاق فباليد، ثم اللسان، ثم القلب. وسيأتي للمصنّف -رحمه اللَّه تعالى-19/ 3135 - من حديث سَبْرَة بن الفاكه - رضي اللَّه عنه - الطويل، وفيه: "ثم قعد -أي الشيطان- له في طريق الجهاد، فقال: تجاهد، فهو جَهْدُ النفسِ والمال".
واختُلف في جهاد الكفّار، هل كان أوّلاً فرض عين، أو كفاية؟، وسيأتي تمام البحث فيه في المسألة الرابعة في شرح الحديث الأول من الباب التالي، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
...
3086 - (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَّمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ مُسْلِمٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: لَمَّا أُخْرِجَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مِنْ مَكَّةَ, قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجُوا نَبِيَّهُمْ, إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ, لَيَهْلِكُنَّ, فَنَزَلَتْ {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39] , فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَكُونُ قِتَالٌ, قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَهِيَ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقِتَالِ).
رجال هذا الإسناد: سبعة:
1 - (عبد الرحمن بن محمد بن سلّام) البغداديّ، ثم الطرسوسي، لا بأس به [11] 172/ 1141.
2 - (إسحاق الأزرق) ابن يوسف الواسطيّ، ثقة [9] 22/ 489.
3 - (سفيان) بن سعيد الإمام الحجة الثبت [7] 33/ 37.