(ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ. (ومنها): أن فيه ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى - عنهما من العبادلة الأربعة المجموعين في قول السيوطيّ -رحمه اللَّه تعالى- في "ألفية الحديث":
وَالْبَحْرُ وَابْنَا عُمَر وَعَمْرِو ... وَابْنُ الزبَيْرِ فِي اشْتِهَارٍ يَجْرِي
دُونَ ابْنِ مَسْعُودِ لَهُمْ عَبَادِلَة ... وَغلَّطُوا مَنْ غَيْرَ هَذَا مَالَ لَهْ
وهو من المكثرين السبعة المجموعين في قولي:
الْمُكْثِرُون فِي رِوَايَةِ الأَثَرْ ... أَبُو هُرَيْرَةَ يَلِيهِ ابْنُ عُمَرْ
فَأَنَسْ، فَزَوْجَةُ النَّبِيِّ ثُمَّ ... الْبَحْرُ جَابِرٌ يَلي الْخُدْرِي يُتِمُّ
وكلّ هذا تقدّم غير مرّة، وإنما أعدته تذكيرًا؛ لطول العهد به. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) - رضي اللَّه تعالى عنهما -، أنه (قَالَ: إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ) أي جمرة العقبة يوم النحر (فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ) أي كلُّ شيء حرُم عليه بالإحرام، ومنه الحلق (إِلَّا النِّسَاءَ) بالنصب على الاستثناء، أي وطئًا، ومباشرةً، ولمسًا بشهوة، وعقدَ نكاح حتى يطوف طواف الإفاضة. والحديث يدلّ على أنه يحلّ للمحرم برمي جمرة العقبة كلّ محظورات الإحرام، إلا الوطىء، ودواعيه، وإن لم يحلق، وفيه خلاف بين أهل العلم، سيأتي بيانه في المسألة الثالثة، إن شاء اللَّه تعالى (قِيلَ) وفي رواية أحمد: "فقال رجل: والطيب يا أبا العباس"؟. وفي رواية له: "سئل ابن عباس عن الرجل، إذا رمى الجمرة أيتطيّب؟ فقال: أما أنا ... " (?) (وَالطِّيبُ؟) مبتدأ خبره محذوف، أي ما حكمه؟، أيحلّ بعد الرمي، أم لا؟ (قَالَ) ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - (أَمَّا أَنَا، فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، يَتَضَمَّخُ) أي يتلطّخ (بِالْمِسْكِ، أَفَطِيبٌ هُوَ؟) أراد ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - بهذا بيان كون الطيب مباحًا بعد الرمي، بذكر دليله، يعني أن المسك طيب بلا شكّ، وقد تضَمّخ به رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فيكون الطيب حلالاً. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا صحيح.