رحمه اللَّه تعالى: هو بالإسناد المصدّر به الباب، ولا اختلاف بين أهل الحديث أن الإسناد بمثل هذا السياق موصولٌ، وغايته أنه من تقديم المتن على بعض السند، وإنما اختلفوا في جواز ذلك. وأغرب الكرمانيّ، فقال: هذا الحديث من مراسيل الزهريّ، ولا يصير بما ذكره آخرًا مسندًا؛ لأنه قال: يحدّث بمثله، لا بنفسه. كذا قال، وليس
مراد المحدّث بقوله في هذا "بمثله"، إلا نفسه، وهو كما لو ساق المتن بإسناد، ثم عقّبه بإسناد آخر، ولم يُعد المتن، بل قال: "بمثله". ولا نزاع بين أهل الحديث في الحكم بوصل مثل هذا، وكذا عند أكثرهم لو قال: "بمعناه"، خلافا لمن يمنع الرواية بالمعنى.
وقد أخرج الحديث المذكور الإسماعيليّ عن ابن ناجية، عن محمد بن المثنّى، وغيره، عن عثمان بن عمر، وقال في آخره: "قال الزهريّ: سمعت سالمًا يُحدّث بهذا الحديث، عن أبيه، عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -"، فعرف أن المراد بقوله: "مثله" نفسه، وإذا تكلّم المرء في غير فنّه أتى بهذه العجائب انتهى كلام الحافظ.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد اعترضه العينيّ بما لا طائل تحته، بل هو على عادته المستمرّة مجرّد تعصّب، قاتل اللَّه التعصّب.
والحاصل أن ما قاله الحافظ رحمه اللَّه تعالى من كون حديث الباب متّصلاً بنفس هذا السند، هو الحقّ، فتبصّر بالإنصاف، ولا تتحيّر بالاعتساف.
(وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ) رضي اللَّه تعالى عنهما (يَفْعَلُهُ) أي يفعل ما ذُكر من الرمي بسبع حصيات، والتكبير مع كل حصاة، والوقوف طويلاً، مستقبل القبلة، والدعاء، ورفع اليدين فيه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما هذا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا- 230/ 384 - وفي "الكبرى" 235/ 4089. وأخرجه (خ) في "الحج" 1751 و 1753 (ق) في "المناسك" 3032 (أحمد) في "مسند المكثرين" 6368 (الدارميّ) في "المناسك" 1903. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه اللَّه تعالى، وهو بيان استحباب الدعاء عند الجمرتين: الأولى، والثانية. (ومنها): استحباب التكبير عند رمي كلّ حصاة، وقد