وقالوا: أحمق وحَمْقَى، وأنوَكُ ونَوْكَى (?)؛ لأنه عيبٌ أُصيبوا به، فكان بمعنى مفعول، وشذّ من ذلك سَقِيمٌ، فجُمع على سِقَام -بالكسر- لا على سَقْمَى، ذهابًا إلى أن المعنى معنى فاعل، ولوحظ في ضعيفِ معنى فاعل، فجُمع على ضعافِ، وضَعَفَة، مثلُ كافر وكَفَرَة انتهى (?).
والمراد بالضَّعَفَة هنا هم النساء، والصبيان، والْخَدَم، والمشايخ العاجزون، وأصحاب الأمراض.
وقال ابن حزم: الضعفة، هم الصبيان والنساء فقط، والحديث يرد عليه لأنه أعمّ من ذلك. فيدخل فيه الرجال العاجزون، والمرضى؛ لحديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى - عنهما التالي: "أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أمر ضَعَفَة بني هاشم أن ينفروا من جمع بليل".
وقوله: "ضعفة بني هاشم" أعمّ من النساء، والصبيان، والمشايخ العاجزين، وأصحاب الأمراض؛ لأن العلّة خوف الزحام عليهم.
ويؤيّده رواية الطحاويّ، عن عطاء، عن ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - للعبّاس ليلة المزدلفة: "اذهب بضعفائنا، ونسائنا، فليصلّوا الصبح بمنى، وليرموا جمرة العقبة قبل أن تُصيبهم دفعة الناس"، قال: فكان عطاء يفعله بعد ما كبر وضعف. ولأبي داود من طريق حبيب، عن عطاء، عن ابن عباس: "كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقدّم ضعفاء أهله بغلس". ولأبي عوانة في "صحيحه" من طريق أبي الزبير، عن ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -، كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقدّم العيال، والضعفة إلى منى من المزدلفة أفاده في "الفتح" (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الصحيح جواز تقدُّم أصحاب الأعذار بالليل من المزدلفة إلى منى، سواء كانوا رجالاً، أو نساءً، وكذا من يقوم عليهم ممن يخدُمهم، وإن كان قويًا في نفسه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه: