شرح الحديث
(عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ) بن حارثة الكلبي - رضي اللَّه تعالى عنهما - (أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَسِيرِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ) بفتح الواو، سميت بذلك لأن - صلى اللَّه عليه وسلم - ودعّ الناس فيها، وقال: "لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا"، وغلط من كره تسميتها بذلك. وتسمّى البلاع أيضًا؛ لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال فيها: "ألا هل بلّغت". وتسمة حجة الإسلام؛ لأنها التي حجّ فيها بأهل الإسلام ليس فيها مشرك. أفاده العينيّ (?).
وفي الرواية الآتية في -214/ 3052 - من طريق مالك، عن هشام بن عروة: "سئل أسامة بن زيد، وأنا جالس معه، كيف كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يسير في حجة الوداع؟ ". وفي رواية البخاريّ: "سئل أسامة، وأنا جالس، كيف كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يسير في حجة الوداع حين دفع؟ "، وفي رواية "الموطإ": "حين دفع من عرفة" (قَالَ) أسامة - رضي اللَّه تعالى عنه - (كَانَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (يَسِيرُ الْعَنَقَ) بفتح المهملة، والنون: هو السير بين الإبطاء والإسراع، قال في "المشارق": هو سير سهل في سرعة. وقال القزّاز: العنق سير سريع. وقيل: المشي الذي يتحرّك به عنق الدّابّة. وفي "الفائق": العنق الخطو الفسيح. وانتصاب "العَنَقَ" على المصدر النوعيّ، كرجعت القهقرى (فَإذَا وَجَدَ فَجْوَةً) -بفتح الفاء، وسكون الجيم-: المكان المتّسع بين الشيئن (?). ورواه أبو مصعب، ويحيى بن بُكير، وغيرهما عن مالك، بلفظ: "فرجة" -بضمّ الفاء، وسكون الراء- وهو بمعنى الفجوة (نَصَّ) أي أسرع. قال أبو عبيد: النصّ تحريك الدابّة حتى يستخرج به أقصى ما عندها، وأصل النصّ غاية المشي، ومنه نصصت الشيء رفعته، ثم استعمل في ضرب سريع من السير (وَالنَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ) هذا التفسير من هشام بن عروة، كما بيّن في رواية الشيخين، ففي "صحيح البخاريّ": قال هشام: "والنصّ فوق الْعَنَق". قال في "الفتح": قوله: "قال هشام" يعني ابن عروة الراوي، وكذا بين مسلم من طريق حميد بن عبد الرحمن، وأبو عوانة من طريق أنس بن عياض، كلاهما عن هشام أن التفسير من كلامه، وأدرجه يحيى القطّان فيما أخرجه المصنّف -يعني البخاريّ- في "الجهاد"، وسفيان فيما أخرجه النسائيّ، وعبد الرحيم بن سليمان، ووكيع فيما أخرجه ابن خُزيمة كلهم عن هشام. وقد رواه إسحاق في "مسنده" عن وكيع، ففصله، وجعل التفسير من كلام وكيع. وقد رواه ابن خزيمة من طريق سفيان، ففصله، وجعل التفسير من كلام