شرح الحديث
(عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطِ، عَنْ أَبِيهِ) هكذا عند المصنف بدون واسطة، وهو الصحيح، ووقع عند أبي داود: "عن سلمة بن نبيط، عن رجل من الحيّ، عن أبيه نبيط"، فأدخل واسطة بين سلمة، وأبيه، والصحيح الأول، فقد وقع التصريح بالتحديث في رواية أحمد من طريق عبد الحميد بن عبد الرحمن الْحِمّانيّ، قال: ثنا سلمة بن نبيط، قال: كان أبي، وجدّي، وعمّي مع النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: أخبرني أبي، قال: رأيت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يخطب عشية عرفة على جمل أحمر ... " (قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يَخْطُبُ عَلَى جَمَل أَحْمَرَ) [فإن قلت]: هذا الحديث يعارض ما ثبت في حديث جابر - رضي اللَّه تعالى عنه - الطويل أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يخطب على ناقته القصواء، ونحوه في حديث أسامة - رضي اللَّه تعالى عنه - الآتي بعد ثلاثة أبواب، فكيف يجمع بينهما؟.
[أجيب]: بأنه يحتمل أن نُبيطًا رآه - صلى اللَّه عليه وسلم - على بُعْد، فظنّ أنه على بعير، فأخبر به. ويحتمل أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - فعل الاثنين؛ لطول وقت الوقوف فركب ناقة، ثم جملاً، أو بالعكس؛ تخفيفًا على الدابّة. واللَّه تعالى أعلم.
(بعَرَفَةَ، قَبْلَ الصَّلَاةِ) فيه أن محلّ الخطبة قبل الصلاة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته: حديث نُبيط بن شريط - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا 198/ 3008 - وفي "الكبرى" 195/ 4000. وأخرجه (د) في "المناسك" 1916 (ق) في "المناسك" 1286 (أحمد) في "مسند الكوفيين"18246 و 18248. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو استحباب الخطبة بعرفة قبل الصلاة. قال الزرقانيّ: في الحديث أنه يستحبّ للإمام أن يخطب يوم عرفة في هذا الموضع، وبه قال الجمهور، والمدنيّون، والمغاربة من المالكيّة، وهو المشهور، فقول النوويّ: خالف المالكيّة. فيه نظر، إنما هو قول العراقيين منهم، والمشهور خلافه، واتفق الشافعيّة أيضًا على استحبابها خلافًا لما توهّمه عياض، والقرطبيّ انتهى.