رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أمر بقتل الوزغ، وقال: "كان ينفخ على إبراهيم - عليه السلام -". وفي رواية بلفظ: "أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أمرها بقتل الأوزاغ". وفي رواية الإسماعيليّ، من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج، بلفظ: "أنها استأمرت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في قتل الوزغات، فأمرها بقتلهن".
فعلى هذا فتكون السائلة هي عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -.
ويحتمل أن تكون الداخلة هي سائبة مولاة الفاكه بن المغيرة، فقد أخرج حديثها الإمام أحمد في "مسنده"، وابن ماجه في "سننه"، من طريق جرير بن حازم، عن نافع، عن سائبة مولاة للفاكه بن المغيرة، أنها دخلت على عائشة، فرأت في بيتها رمحا موضوعا، فقالت: يا أم المؤمنين ما تصنعين بهذا الرمح؟، قالت: نقتل به الأوزاغ، فإن نبي اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أخبرنا: "أن إبراهيم - عليه السلام -، حين ألقي في النار، لم تكن دابة إلا تطفىء النار عنه، غير الوزغ، فإنه كان ينفخ عليه، فأمر عليه الصلاة والسلام بقتله". وعلى هذا فتكون السائلة هي سائبة.
ويؤيد الاحتمال الأول أن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - قالت: إنَّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال للوزغ: "الفويسق"، ولم أسمعه أمر بقتله. رواه البخاريّ.
فقد دلّ هذا الحديث على أنه لم تسمع عائشة عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - الأمر بقلته. ويؤيده أيضًا كون راوي حديث الباب، وحديث أم شريك هو سعيد بن المسيّب -رحمه اللَّه تعالى-.
وعلى هذا فقول عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - في حديث نافع المذكور: "فإن نبيّ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أخبرنا الخ" محمول على التجوز، أي إنها سمعت ذلك من بعض الصحابة، وأطلقت لفظ أخبرنا، مجازًا، أي أخبر الصحابة، كما قال ثابت البنانيّ: "خطبنا عمران"، وأراد أنه خطب أهل البصرة، وإلا فما في "الصحيح" أصحّ. أفاده الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- (?).
(دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ) أم المؤمنين - رضي اللَّه تعالى عنها - (وَبِيَدِهَا عُكَّازٌ) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، على الاحتمال الأول، وهو الأرجح، أي والحال أن في يد تلك المرأة عكاز، أو من المفعول، على الاحتمال الثاني، أي والحال أن في يد عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - عكّاز.
و"العكاز" -بضم العين المهملة، وتشديد الكاف-: عصًا في أسفلها زُجّ، أي حديدة، يتوكأ عليها الرجل، والجمع عَكَاكيز، وعُكّازات. قاله في "اللسان" (فَقَالَتْ)