هذه الحيوانات، والمعنى إذا ظهر في المنصوص عليه عدّى القائسون ذلك الحكم إلى كلّ ما وجد فيه المعنى، كالستة التي في الربا، وقد وافق أبو حنيفة على التعدية فيها، وإن اختلف هو والشافعيّ في المعنى الذي يعدّى به. قال: وأقول: المذكورُ ثَمَّ تعليق الحكم بالألقاب، وهو لا يقتضي مفهومًا عند الجمهور، فالتعدية لا تنافي مقتضى اللفظ، وهنا لو عدينا لبطلت فائدة التخصيص بالعدد، وعلى هذا المعنى عوّل بعض مصنفي الحنفيّة في التخصيص بالخمس المذكورات، أعني مفهوم العدد انتهى.
قال وليّ الدين: وفي نقله الذئب من غير كتب الحنفية نظر، فهو مصرح به في "الهداية"، وغيرها من كتبهم، وما نقله عن مقتضى مذهبهم من منع اصطياد الأسد، ونحوه، قد صرّحوا به في كتبهم، وقالوا: إن على قاتله الجزاء، وممن صرح به صاحب "الهداية"، إلا أن يقتله لصياله عليه، فلا شيء عليه، إلا عند زفر، فإنه أوجب الجزاء بقتله للدفع عند الصيال، لكن صاحب "الهداية" قال بعد كلامه المتقدم أوّلاً: والضب، واليربوع، ليسا من الخمسة المستثناة؛ لأنهما لا يبتدئان بالأذى، وليس في قتل البعوض، والنمل، والبراغيث، والقراد شيء؛ لأنها ليست بصيود، وليست بمتولدة من البدن، بل هي مؤذية بطباعها انتهى.
ومقتضاه موافقة من قال: إنه يلحق بالمذكورات كلّ مؤذ بالطبع، فإن كون الضبّ، واليربوع ليسا من الخمسة أمر معلوم، وإنما أراد ليس لهما حكمها، وعلل ذلك بأنهما لا يبتدئان بالأذى، ومقتضى ذلك ثبوت الحكم لكلّ ما يبتدىء بالأذى، ثم قوّى ذلك بما ذكره في البعوض، ونحوه، ولا سيما تعليله بأنها مؤذية بطباعها.
ثم إن الشيخ ابن دقيق العيد -رحمه اللَّه تعالى- اقتصر في ردّ ذلك على القياس مع ورود النصّ فيه، رواه أبو داود، والترمذيّ، وابن ماجه، عن أبي سعيد الخدريّ - رضي اللَّه عنه - عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "يقتل المحرم السبع العادي، والكلب العقور، والفأرة، والعقرب، والحدأة، والغراب". لفظ الترمذيّ، وقال: هذا حديث حسن.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: بل هو حديث ضعيف؛ لأن في سنده يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، كان يتلقن لكبره، وكان شعيا، فلا يصلح الحديث للاحتجاج به، فتنبّه.
قال: والعمل على هذا عند أهل العلم، قالوا: يقتل المحرم السبع العادي.
ولفظ أبي داود: إن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - سئل عما يقتل المحرم؟ قال: "الحية، والعقرب، والفويسقة، ويرمي الغرابَ، ولا يقتله، والكلب العقور، والحدأة، والسبع العادي". ولم يذكر ابن ماجه "الحدأة"، ولا "الغراب"، وزاد: فقيل له: لم قيل لها الفويسقة؟