بواسطة بعض الشارحين، وأراد به النوويّ، ثم قال: وهذا عندي فيه نظر، فإن جواز القتل غير جواز الاصطياد، وإنما يرى الشافعيّ جواز الاصطياد، وعدم وجوب الجزاء بالقتل لغير المأكول، وأما جواز الإقدام على قتل ما لا يؤكل، مِمَّا ليس فيه ضرر، فغير هذا انتهى.

قال وليّ الدين: وفيه نظر، فقد حكى الربيع عن الشافعيّ أنه قال: لا شيء على المحرم في قتله من الطير كلّ ما لا يحلّ أكله، قال: وله أن يقتل من داوبّ الأرض، وهوامها كلّ ما لا يحلّ أكله انتهى. فصرّح بأن له قتل ما لا يحلّ أكله من الطير، والهوامّ.

(الثاني مذهب المالكية): قالوا: المعنى في ذلك كونهنّ مؤذيات، فيلتحق بالمذكررات كلّ مؤذن. قال ابن شاس في "الجواهر" -بعد أن قرر تحريم صيد المأكول وغيره-: ولا يُستَثْنَى من ذلك إلا ما تناوله الحديث، وهو هذه الخمس، قال: والمشهور أن الغراب، والحدأة يقتلان، وإن لم يبتدئا بالأذى، وروى أشهب المنع من ذلك، وقاله ابن القاسم، قال: إلا أن يؤذي، فيقتل إلا أنه إن قتلهما من غير أذى، فلا شيء عليه. وقال أشهب: إن قتلهما من غير ضرر وداهما، واختلف أيضًا في قتل صغارهما ابتداء، وفي وجوب الجزاء بقتلهما، وأما غيرهما من الطير، فإن لم يؤذ فلا يقتل، فإن قتل ففيه الجزاء، وإن آذى فهل يقتل أم لا؟ قولان، وإذا قلنا: لا يقتل، فقتل، فقولان أيضًا: المشهور نفي وجوب الجزاء. وقال أشهب: عليه في الطير الفدية، وإن ابتدأت بالضرر. وقال أصبغ: من عدا عليه شيء من سباع الطير، فقتله وداه بشاة. قال ابن حبيب: وهذا من أصبغ غلط، وحمل بعض المتأخرين قول أصبغ هذا على أنه كان قادرًا على الدفع بغير القتل، فأما لو تعيّن القتل في الدفع لا يختلف فيه.

وأما العقرب، والحيّة، والفأرة، فيقتلن حتى الصغير, وما لم يؤذ منها لأنه لا يؤمن منها الأذى، إلا أن تكون من الصغر بحيث لا يمكن منها الأذى، فيختلف في حكمها، وهل يلحق صغير غيرها من الحيوان المباح القتل لأذية بصغارها في جواز القتل ابتداء، فيه خلاف. والمشهور من المذهب أن المراد من الكلب العقور الكلب الوحشيّ، فيدخل فيه الأسد، والنمر، وما في معناهما. وقيل: المراد الكلب الإنسيّ المتخذ.

وعلى المشهور يقتل صغير هذه، وما لم يؤذ من كبيرها انتهى كلامه.

وذكر الشيخ تقيّ الدين أن المشهور عند المالكيّة قتل صغار الغراب، والحدأة، وشنّع عليهم ابن حزم الظاهريّ في تفرقتهم بين صغار الغربان، والحديا، وبين صغار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015