قال الحافظ أبو عمر -رحمه اللَّه تعالى-: وفي ذلك دليل على أن المحرم لا يجوز له أن ينفّر الصيد، ولا يعين عليه، ألا ترى أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أمر رجلاً أن يقف عند الظبي الحاقف حتى يُجاوزه الناس لا يريبه أحدٌ؛ يعني لا يمسّه، ولا يُهيجه انتهى (?) (حَتَّى يُجَاوِزَهُ) ضمير الفاعل لأحد، والمفعول للظبي. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عمير بن سلمة الضمريّ - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -87/ 2818 و 32/ 4344 - وفي "الكبرى" 77/ 3800 و 35/ 4856. وأخرجه مالك في (الموطإ) في "الحج" 789. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو جواز أكل المحرم لحم صيد اصطاده الحلال، لكن بشرط أن لا يعينه، ولا يشير إليه، ولا يدله عليه، كما تقدم تفصيل الخلاف بين العلماء في ذلك. (ومنها): جواز أكل الصيد إذا غاب عنه صاحبه، أو مات، إذا عرف أنها رميته.
وقد اختلف الفقهاء في هذا المسألة، فقال مالك: إذا أدركه الصائد من يومه أكله، في الكلب، والسهم جميعًا، وإن كان ميتًا إذا كان فيه أثر جرحه، وإن كان قد بات عنه لم يأكله. وقال الثوريّ: إذا غاب عنه يوما وليلةً كرهتُ له أكله. وقال أبو حنيفة، وأصحابه: إذا توارى عنه الصيد، وهو في طلبه، فوجده، وقد قتله جاز أكله، فإن ترك الطلب، واشتغل بعمل غيره، ثم ذهب في طلبه، فوجده مقتولاً، والكلب عنده كرهنا أكله. وقال الأوزاعيّ: إذا وجده من الغد ميتاً، ووجد فيه سهمًا، أو أثرًا، فليأكله. وقال الشافعيّ: القياس أن لا يأكله إذا غاب عنه؛ لأنه لا يدرى أمات من رميته، أو من غيرها. وروي عن ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -: كل ما أصبت، ودع ما أنميت - يريد كل ما عاينت صيده، وموته من سلاحك، أو كلبك، ودع ما غاب عنك. وفي حديث أبي ثعلبة الخشنيّ - رضي اللَّه عنه - عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في الذي يدرك صيده بعد ثلاث: يأكله ما لم يُنتن. أخرجه مسلم. وفي حديث عديّ بن حاتم - رضي اللَّه عنه - أنه سأل رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عن